وكفى هذا الحديث شاهداً بصدق ذلك.
والحق أن كل ذلك خارج عن موضوع البحث ، لانا انما جوزنا لمن يفهم الالفاظ ويعرف خواصها ومقاصدها ويعلم عدم اختلال المراد بها فيما أداه.
وقد ذهب جمهور السلف والخلف من الطوائف كلها الى جواز الرواية بالمعنى إذا قطع بأداء المعنى بعنيه ، لانه من المعلوم أن الصحابة وأصحاب الائمة عليهم السلام ما كانوا يكتبون الاحاديث عند سماعها ، ويبعد بل يستحيل عادة حفظهم جميع الالفاظ على ماهي عليه وقد سمعوها مرة واحدة ، خصوصاً في الاحاديث الطويلة مع تطاول الازمنة.
ولهذا كثيراً ما يروى عنهم المعنى الواحد بألفاظ مختلفة كما لا ينكر.
لما رويناه بطرقنا عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص.
قال : ان كنت تريد معانيه فلا بأس.(١).
وروينا بالسند المذكور عن محمد بن الحسين عن ابن سنان عن داود بن فرقد قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : اني أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجئ.
قال : فتعمد ذلك؟ قلت : لا. قال : تريد المعاني؟ قلت : نعم. قال : فلا بأس (٢).
نعم لامرية أن روايته بلفظله أولى على كل حال ، ولهذا قدم الفقهاء المروي بلفظهل على المروي بمعناه.
__________________
١. الكافي ١ / ٥١.
٢. الكافي ١ / ٥١.