عَمَياناً وعطِشت عَطَشاناً : إذا ذهبت إليه لا تريد غيره ، غير أنك تؤمُّه على الإبصار والظلمة.
قال الليث : العَمَى : ذهاب البصر من العينين كلتيهما والفعل منه عَمِي يَعْمَى عَمًى.
قال : وفي لغة أخرى : اعماىَ يعمايُ أعمَياء ، أرادوا حَذْو ادهامَّ يدهامّ ، فأخرجوه على لفظ صحيح ، وكان في الأصل : ادهامَمَ ، فادّغموا لاجتماع الميمين فلمَّا بنوا اعمايا على أصل ادهامم اعتمدت الياء الآخرة على فتحة الياء الأولى فصارت ألِفاً ، فلمّا اختلفتا لم يكن للإدغام فيها مَسَاغ كمسَاغة في الميمين. ولذلك لم يقولوا : اعمايّ مدغمة. وعلى هذا الحَذْو يجرِي هذا كله في جميع هذا الباب ، إلا أن يقول قائل تكلفاً على لفظ ادهامّ بالتثقيل : اعمايّ فلان غير مستعمل. قلت : وقول النحويّين على ما حكاه الليث ، وأحسبه قول الخليل وسيبويه.
وقال ابن الأعرابيّ : الأعمى : الليل ، والأعمى : السيل ، وهما الأبهمان أيضاً.
وأنشد :
وهبت إخاءك للأعميي |
ن وللأبهمين ولم أَظلِم |
قال : وهما الأبهمان أيضاً بالباء لليل والسيل. وروى سفيان عن ابن جُرَيج عن مجاهد في قوله : (قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) [طه : ١٢٥] قال : أعمى عن الحجَّة ، وقد كنت بصيراً بها.
وقال نفطويه : يقال عمِي فلان عن رُشْده وعَمِي عليه طريقُه إذا لم يهتدِ لطريقه. ورجل عمٍ ، وقوم عَمُون. قال : وكلّما ذكر الله جلَّ وعزَّ العَمَى في كتابه فذمَّه يريد عمى القلب. قال الله جلّ وعزّ : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحَجّ : ٤٦].
وقال الليث : رجل أعمى وامرأة عمياء. ولا يقع هذا النعت على العين الواحدة ؛ لأن المعنى يقع عليهما جميعاً. تقول : عميتْ عيناه ، وامرأتان عَمْياوان ، ونساء عَمْياوات.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) [الإسرَاء : ٧٢] قال الفراء : عدّد الله نِعَم الدنيا عَلَى المخاطبين ، ثم قال : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) ، يعني في نعم الدنيا التي اقتصصناها عليكم ، (فَهُوَ فِي) نعم (الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً). قال : والعرب إذا قالوا : هو أفعل منك قالوه في كل فاعل وفعيل وما لا يزاد في فعله شيء على ثلاثة أحرف. فإذا كان على فعللت مثل زخرفت ، أو على افعللت مثل احمررت لم يقولوا : هو أفعل منك حتى يقولوا : هو أشد حمرة منك ، وأحسن زخرفة منك. قال : وإنما جاز في العمى لأنه لم يُرد به عَمَى العينين ، إنما أريد به ـ والله أعلم ـ عمى القلب ، فيقال : فلان أعمى من فلان في القلب ، ولا يقال : هو أعمى منه في العين ، وذلك أنه لمّا جاء على