الحقيقة وأما حديث إبراهيم بن طهمان فإنه ضعيف السند وقد روى هذه القصة مالك عن أبى حازم عن سهل بن سعد فلم يذكر أنه قال علمها ولم يعارض بحديث إبراهيم بن طهمان ولو صح هذا الحديث لم يكن فيه دلالة على أنه جعل تعليم القرآن مهرا لأنه جائز أن يكون أمره بتعليمها القرآن ويكون المهر ثابتا في ذمته إذ لم يقل إن تعليم القرآن مهر لها فإن قيل قال الله تعالى (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) فجعل منافع الحر بدلا من البضع قيل له لم يشرط المنافع للمرأة وإنما شرطها لشعيب النبي عليه السلام وما شرط للأب لا يكون مهرا فالاحتجاج به باطل في مسألتنا وأيضا لو صح أنها كانت مشروطة لها وأنه إنما أضافها إلى نفسه لأنه هو المتولى للعقد أو لأن مال الولد منسوب إلى الوالد كقوله صلىاللهعليهوسلم أنت ومالك لأبيك فهو منسوخ بالنهى عن الشغار.
وقوله تعالى (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) يدل على أن عتق الأمة لا يكون صداقا لها إذ كانت الآية مقتضية لكون بدل البضع ما يستحق به تسليم مال إليها وليس في العتق تسليم مال وإنما فيه إسقاط الملك من غير أن استحقت به تسليم مال إليها ألا ترى أن الرق الذي كان المولى يملكه لا ينتقل إليها وإنما يتلف به ملكه فإذا لم يحصل لها به مال أو لم تستحق به تسليم مال إليها لم يكن مهرا وما روى أن النبي صلىاللهعليهوسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها فلأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان له أن يتزوج بغير مهر وكان مخصوصا به دون الأمة قال الله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فكان صلىاللهعليهوسلم مخصوصا بجواز ملك البضع بغير بدل كما كان مخصوصا بجواز تزويج التسع دون الأمة قوله تعالى (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) يدل أيضا على أن العتق لا يكون صداقا من وجوه أحدها أنه قال (وَآتُوهُنَ) وذلك أمر يقتضى الإيجاب وإعطاء العتق لا يصح والثاني قوله تعالى (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) والعتق لا يصح فسخه بطيب نفسها عن شيء منه والثالث قوله تعالى (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) وذلك محال في العتق* قوله تعالى (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) قال أبو بكر يحتمل قوله تعالى (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) وجهين أحدهما الحكم بكونهم محصنين بعقد النكاح والأخبار عن حالهم إذا نكحوا