فليسلم بعضكم على بعض وكقوله (لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) يعنى لا يقتل بعضكم بعضا والثاني أنه جعل المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجرى عليها من الأمور فإذا جرى على أحدهم مكروه فكأنه قد جرى على جميعهم كما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا أبو عبد الله أحمد بن دوست قال حدثنا جعفر بن حميد قال حدثنا الوليد بن أبى ثور قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال مثل المسلمين في تواصلهم وتراحمهم والذي جعل الله بينهم كمثل الجسد إذا وجع بعضه وجع كله بالسهر والحمى وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه قال حدثنا عبد الله بن ناصح قال حدثنا أبو مسلم عبد الله بن سعيد عن مالك بن مغول عن أبى بردة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم المؤمنون للمؤمنين كالبنيان يشد بعضه بعضا قوله تعالى (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) قد أبانت هذه الآية عن معنيين أحدهما أن الحد واجب على القاذف ما لم يأت بأربعة شهداء والثاني أنه لا يقبل في إثبات الزنا أقل من أربعة شهداء وقوله (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) قال أبو بكر قد حوى ذلك معنيين أحدهما أنهم متى لم يقيموا أربعة من الشهداء فهم محكومون بكذبهم عند الله في إيجاب الحد عليهم فيكون معناه فأولئك في حكم الله هم الكاذبون فيقتضى ذلك الأمر بالحكم بكذبهم فإن كان جائزا أن يكونوا صادقين في المغيب عند الله وذلك جائز سائغ كما قد تعبدنا بأن نحكم لمن ظهر منه عمل الخيرات وتجنب السيئات بالعدالة وإن كان جائزا أن يكون فاسقا في المغيب عند الله تعالى والوجه الثاني أن الآية نزلت في شأن عائشة رضى الله تعالى عنها وفي قذفتها فأخبر بقوله (فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) بمغيب خبرهم وأنه كذب في الحقيقة لم يرجعوا فيه إلى صحة فمن جوز صدق هؤلاء فهو راد لخبر الله قوله تعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) قرئ تلقونه بالتشديد قال مجاهد يرويه بعضهم عن بعض ليشيعه وعن عائشة تلقونه من ولق الكذب وهو الاستمرار عليه ومنه ولق فلان في السير إذا استمر عليه فذمهم تعالى على الإقدام على القول بما لا علم لهم به وذلك قوله (تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) وهو نحو قوله (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) فأخبر أن ذلك