سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعيد قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح قال إبراهيم بن ميسرة ولا أقول لك إلا ما قال عمر لأبى الزوائد ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور فإن قيل قوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) عمومه يقتضى تزويج الأب ابنته البكر الكبيرة ولولا قيام الدلالة على أنه لا يزوج البنت الكبيرة بغير رضاها لكان جائزا له تزويجها بغير رضاها لعموم الآية قيل له معلوم أن قوله (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) لا يختص بالنساء دون الرجال لأن الرجل يقال له أيم والمرأة يقال لها أيمة وهو اسم للمرأة التي لا زوج لها والرجل الذي لا امرأة له قال الشاعر :
فإن تنكحى أنكح وإن تتأيمى |
|
وإن كنت أفتى منكم أتأيم |
وقال آخر :
ذريني على أيم منكم وناكح وقال عمر بن الخطاب ما رأيت مثل من يجلس أيما بعد هذه الآية (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) التمسوا الغنا في الباه فلما كان هذا الاسم شاملا للرجال والنساء وقد أضمر في الرجال تزويجهم بإذنهم فوجب استعمال ذلك الضمير في النساء أيضا وأيضا فقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم باستثمار البكر بقوله البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها وذلك أمر وإن كان في صورة الخبر وذلك على الوجوب فلا يجوز تزويجها إلا بإذنها وأيضا فإن حديث محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تنكح اليتيمة إلا بإذنها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها وإنما أراد به البكر لأن البكر هي التي يكون سكوتها رضا وحديث ابن عباس في فتاة بكر زوجها أبوها بغير أمرها فاختصموا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال النبي صلىاللهعليهوسلم أجيزى ما صنع أبوك وقد بينا هذه المسألة فيما سلف قوله تعالى (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) فيه دلالة على أن للمولى أن يزوج عبده وأمته بغير رضاهما وأيضا لا خلاف أنه غير جائز للعبد والأمة أن يتزوجا بغير إذن وروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال أيما عبد تزوج بغير أذن مواليه فهو عاهر فثبت أن العبد والأمة لا يملكان ذلك فوجب أن يملك المولى منهما ذلك كسائر العقود التي لا يملكانها ويملكها المولى عليهما وقوله تعالى (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) خبر والمخبر الله تعالى ولا محالة على ما يخبر به فلا يخلو ذلك من أحد وجهين إما أن يكون خاصا في بعض المذكورين دون بعض إذ قد وجدنا من