الحسن فقيل له ما يبكيك فقال ذكرت بما صنع هذا إخوانا لي مضوا يعنى أنهم كانوا ينبسطون في مثل ذلك ولا يستأذنون وهذا أيضا على ما كانت العادة قد جرت به منهم في مثله وقوله تعالى (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) يعنى والله أعلم من البيوت التي هم سكانها وهم عيال غيرهم فيها مثل أهل الرجل وولده وخادمه ومن يشتمل عليه منزله فيأكل من بيته ونسبها إليهم لأنهم سكانها وإن كانوا في عيال غيرهم وهو صاحب المنزل لأنه لا يجوز أن يكون المراد الإباحة للرجل أن يأكل من مال نفسه إذ كان ظاهر الخطاب وابتداؤه في إباحة الأكل للإنسان من مال غيره وقال الله (أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ) فأباح الأكل من بيوت هؤلاء الأقرباء ذوى المحارم بجريان العادة ببذل الطعام لأمثالهم وفقد التمانع في أمثاله ولم يذكر الأكل في بيوت الأولاد لأن قوله تعالى (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) قد أفاده لأن مال الرجل منسوب إلى أبيه قال النبي صلىاللهعليهوسلم أنت ومالك لأبيك وقال إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه فكلوا من كسب أولادكم فاكتفى بذكر بيوت أنفسكم عن ذكر بيوت الأولاد إذ كانت منسوبة إلى الآباء وقوله تعالى (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) روى عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس أو ما ملكتم مفاتحه قال هو الرجل يؤكل الرجل بصنعته يرخص له أن يأكل من ذلك الطعام والثمر ويشرب من ذلك اللبن وعن عكرمة في قوله (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) قال إذا ملك المفتاح فهو جائز ولا بأس أن يطعم الشيء اليسير وروى سعيد عن قتادة في قوله (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) قال كان الرجل لا يضيف أحدا ولا يأكل من بيت غيره تأثما من ذلك وكان أول من رخص الله له في ذلك ثم رخص للناس عامة فقال (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ـ إلى قوله ـ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) مما عندك يا ابن آدم أو صديقكم ولو دخلت على صديق فأكلت من طعامه بغير إذنه كان ذلك حلالا قال أبو بكر وهذا أيضا مبنى على ما جرت العادة بالإذن فيه فيكون المعتاد من ذلك كالمنطوق به وهو مثل ما تتصدق به المرأة من بيت زوجها بالكسرة ونحوها من غير استئذانها إياه لأنه متعارف أنهم لا يمنعون من مثله كالعبد المأذون والمكاتب يدعوان إلى طعامهما ويتصدقان باليسير مما في أيديهما فيجوز بغير إذن المولى وقوله (أَوْ صَدِيقِكُمْ)