بهما والإغلاظ لهما قال قتادة في قوله (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) قولا لينا سهلا وقال هشام ابن عروة عن أبيه (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال لا تمنعهما شيئا يريدانه وروى هشام عن الحسن أنه سئل ما بر الوالدين قال أن تبذل لهما ما ملكت وأطعهما فيما أمراك ما لم يكن معصية وروى عمرو بن عثمان عن واصل بن السائب (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال لا تنفض يدك عليهما وقال عروة بن الزبير ما بر والده من أحد النظر إليه وعن أبى الهياج قال سألت سعيد بن المسيب عن قوله (قَوْلاً كَرِيماً) قال قول العبد الذليل للسيد الفظ الغليظ وعن عبد الله الرصافي قال حدثني عطاء في قوله تعالى (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال يداك لا ترفعهما على أبويك ولا تحد بصرك إليهما إجلالا وتعظيما قال أبو بكر قوله تعالى (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) هو مجاز لأن الذل ليس له جناح ولا يوصف بذلك ولكنه أراد المبالغة في التذلل والتواضع لهما وهو كقول امرئ القيس في وصف الليل :
فقلت له لما تمطى بصلبه |
|
وأردف إعجازا وناء بكلكل |
وليس لليل صلب ولا إعجاز ولا كلكل وهو مجاز وإنما أراد به تكامله واستواءه قوله تعالى (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) فيه الأمر بالدعاء لهما بالرحمة والمغفرة إذا كانا مسلمين لأنه قال في موضع آخر (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) فعلمنا أن مراده بالدعاء للوالدين خاص في المؤمنين وبين الله تعالى بهذه الآية تأكيد حق الأبوين فقرن الأمر بالإحسان إليهما إلى الأمر بالتوحيد فقال (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ثم بين صفة الإحسان إليهما بالقول والفعل والمخاطبة الجميلة على وجه التذلل والخضوع ونهى عن التبرم والتضجر بهما بقوله (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) ونهى عن الإغلاظ والزجر لهما بقوله (وَلا تَنْهَرْهُما) فأمر بلين القول والاستجابة لهما إلى ما يأمرانه به ما لم يكن معصية ثم عقبه بالأمر بالدعاء لهما في الحياة وبعد الوفاة وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم إنه عظم حق الأم على الأب وروى أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبى هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أبوك * قوله تعالى (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) قال سعيد