الذي نذره فيما عاهد الله عليه وقال الحسن قضى نحبه مات على ما عاهد عليه ويقال إن
النحب الموت والنحب المد في السير يوما وليلة وقال مجاهد قضى نحبه عهده قال أبو
بكر لما كان النحب قد يجوز أن يكون المراد به العهد والنذر وقد مدحهم الله على
الوفاء به بعينه دل ذلك على أن من نذر قربة فعليه الوفاء به بعينه دون كفارة
اليمين وقوله تعالى
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ
ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) قيل في الصياصي أنها الحصون التي كانوا يمتنعون بها
وأصل الصيصة قرن البقرة وبها تمتنع وتسمى بها شوكة الديك لأنه بها يمتنع فسميت
الحصون صياصي على هذا المعنى وروى أن المراد بها بنو قريظة كانوا نقضوا العهد
وعاونوا الأحزاب وقال الحسن هم بنو النضير وسائر الرواة على أنهم بنو قريظة وظاهر
الآية يدل عليه لأنه قال تعالى (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ
وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) ولم يقتل النبي صلىاللهعليهوسلم بنى النضير ولا أسرهم وإنما أجلاهم عن بلادهم وقوله
تعالى (وَأَوْرَثَكُمْ
أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) يعنى به أرض بنى قريظة وعلى تأويل من تأوله على بنى
النضير فالمراد أرض بنى النضير وقوله تعالى (وَأَرْضاً لَمْ
تَطَؤُها) قال الحسن أرض فارس والروم وقال قتادة مكة وقال يزيد بن
رومان خيبر قال أبو بكر من الناس من يحتج به في أن الأرضين العنوية التي يظهر
عليها الإمام يملكها الغانمون ولا يجوز للإمام أن يقر أهلها عليها على أنها ملك
لهم لقوله (وَأَوْرَثَكُمْ
أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) وظاهره يقتضى إيجاب الملك لهم ولا دلالة فيه على ما
ذكروا لأن ظاهره قوله (وَأَوْرَثَكُمْ) لا يختص بإيجاب الملك دون الظهور والغلبة وثبوت اليد
ومتى وجد أحد هذه الأشياء فقد صح معنى اللفظ قال الله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ
اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) ولم يرد بذلك الملك وأيضا فلو صح أن المراد الملك كان
ذلك في أرض بنى قريظة في قوله (وَأَوْرَثَكُمْ
أَرْضَهُمْ) وأما قوله (وَأَرْضاً لَمْ
تَطَؤُها) فإنه يقتضى أرضا واحدة لا جميع الأرضين فإن كان المراد
خيبر فقد ملكها المسلمون وإن كان المراد أرض فارس والروم لقد ملك المسلمون بعض أرض
فارس والروم فقد وجد مقتضى الآية ولا دلالة فيه على أن سبيلهم أن يملكوا جميعها إذ
كان قوله (وَأَرْضاً لَمْ
تَطَؤُها) لم يتناول إلا أرضا واحدة فلا دلالة فيه على قول
المخالف وقوله تعالى
«١٥ ـ احكام مس»