رضى الله عنه بترك قسمة السواد وإقرار أهله عليه ومع ذلك فإنه لا يجوز أن يصح عن على ما ذكرت لأنه لا يخلو من خاطبهم على بذلك من أن يكونوا هم الذين فتحوا السواد فاستحقوا ملكه وقسمته بينهم من غير خيار للإمام فيه أو أن يكون المخاطبون به غير الذين فتحوه أو خاطب به الجيش وهم أخلاط منهم من شهد فتح السواد ومنهم من لم يشهده وغير جائز أن يكون الخطاب لمن لم يشهد فتحه لأن أحدا لا يقول أن الغنيمة تصرف إلى غير الغانمين ويخرج منها الغانمون وأن يكونوا أخلاطا فيهم من شهد الفتح واستحق الغنيمة وفيهم من لم يشهده وهذا مثل الأول لأن من لم يشهد الفتح لا يجوز أن يسهم له وتقسم الغنيمة بينه وبين الذين شهدوه أو أن يكون خاطب به من شهد الفتح دون غيره فإن كان كذلك وكانوا هم المستحقين له دون غيرهم من غير خيار للإمام فيه فغير جائز أن يجعل حقهم لغيرهم لأن بعضهم يضرب وجوه بعض إذ كان اتقى لله من أن يترك حقا يجب عليه القيام به إلى غيره لما وصفت وعلى أنه لم يخصص بهذا الخطاب الذين فتحوه دون غيرهم وفي ذلك دليل على فساد هذه الرواية وقد اختلف الناس بعد ثبوت هذا الأصل الذي ذكرنا وصحة الرواية عن عمر في كافة الصحابة على ترك قسمه السواد وإقرار أهله عليه فقال قائلون أقرهم على أملاكهم وترك أموالهم في أيديهم ولم يسترقهم وهو الذي ذكرناه من مذهب أصحابنا وقال آخرون إنما أقرهم على أرضهم على أنهم وأرضهم فيء للمسلمين وأنهم غير ملاك لها وقال آخرون أقرهم على أنهم أجرار والأرضون موقوفة على مصالح المسلمين قال أبو بكر ولم يختلفوا أن من أسلم من أهل السواد كان حرا وأنه ليس لأحد أن يسترقه وقد روى عن على رضى الله عنه أن دهقانا أسلم على عهده فقال له إن أقمت في أرضك رفعنا الجزية عن رأسك وأخذناها من أرضك وإن تحولت عنها فنحن أحق بها وكذلك روى عن عمر رضى الله عنه في دهقانة نهر الملك حين أسلمت فلو كانوا عبيدا لما زال عنهم الرق بالإسلام فإن قيل فقد قالا إن تحولت عنها فنحن أحق بها قيل له إنما أراد بذلك أنك إن عجزت عن عمارتها عمرناها نحن وزرعناها لئلا تبطل الحقوق التي قد وجبت للمسلمين في رقابها وهو الخراج وكذلك يفعل الإمام عندنا بأراضى العاجزين عن عمارتها ولما ثبت بما وصفنا أن من أسلم من أهل السواد فهو حر ثبت أن أراضيهم على إملاكهم كما كانت رقابهم مبقاة على أصل الحرية ومن حيث جاز للإمام عند مخالفينا أن يقطع حق
«٢١ ـ أحكام مس»