(إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) قال في بعض الحروف صمتا ويدل على أن مرادها الصمت قولها (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) وهذا منسوخ بما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن صمت يوم إلى الليل وقال السدى كان من صام في ذلك الزمان لا يكلم الناس فأذن لها في هذا المقدار من الكلام وقد كان الله تعالى حبس زكريا عن الكلام ثلاثا وجعل ذلك آية له على الوقت الذي يخلق له فيه الولد فكان ممنوعا من الكلام من غير آفة ولا خرس قوله تعالى (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ) قال أبو عبيدة المحراب صدر المجلس ومنه محراب المسجد وقيل إن المحراب الغرفة ومنه قوله تعالى (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) وقيل المحراب المصلى وقوله تعالى (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) قيل فيه إنه أشار إليهم وأومأ بيده فقامت الإشارة في هذا الموضع مقام القول لأنها أفادت ما يفيده القول وهذا يدل على أن إشارة الأخرس معمول عليها قائمة فيما يلزمه مقام القول ولم يختلف الفقهاء أن إشارة الصحيح لا تقوم مقام قوله وإنما كان في الأخرس كذلك لأنه بالعادة والمران والضرورة الداعية إليها قد علم بها ما لا يعلم بالقول وليس للصحيح في ذلك عادة معروفة فيعمل عليها ولذلك قال أصحابنا فيمن اعتقل لسانه فأومأ وأشار بوصية أو غيرها أنه لا يعمل على ذلك لأنه ليس له عادة جارية بذلك حتى يكون في معنى الأخرس قوله تعالى (قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) قال قائلون إنما تمنت الموت للحال التي دفعت إليها من الولادة من غير ذكر وهذا خطأ لان هذه حال كان الله تعالى قد ابتلاها بها وصيرها إليها وقد كانت هي راضية بقضاء الله تعالى لها بذلك مطيعة لله وتسخط فعل الله وقضائه معصية لأن الله تعالى لا يفعل إلا ما هو صواب وحكمة فعلمنا أنها لم تتمن الموت لهذا المعنى وإنما تمنته لعلمها بأن الناس سيرمونها بالفاحشة فيأثمون بسببها فتمنت أن تكون قد ماتت قبل أن يعصى الناس الله بسببها قوله تعالى (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال ابن عباس وقتادة والضحاك والسدى جبريل عليهالسلام وقال مجاهد والحسن وسعيد بن جبير ووهب بن منبه الذي ناداها عيسى عليهالسلام وقوله تعالى (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) قال مجاهد معلما للخير وقال غيره جعلني نفاعا وقوله تعالى (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) قيل إنه عنى زكاة المال وقيل أراد التطهير من الذنوب قوله تعالى (وَبَرًّا بِوالِدَتِي ـ إلى قوله ـ وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) يدل على أنه يجوز للإنسان أن