نفسه فموبقها ومشتر نفسه فمعتقها ولم يرد بذلك أن يبتدئ لنفسه عتقا بعد الشرى وإنما معناه معتقها بالشرى فكذلك قوله فيشتريه فيعتقه وهو كقوله فيشتريه فيملكه وليس المراد منه استئناف ملك آخر بعد الشرى بل يملكه ويدل على أنه يعتق عليه بنفس الشرى إن ولد الحر من أمته حر الأصل ولا يحتاج إلى استئناف عتق وكذلك المشترى لابنه لأنه لو احتاج المشترى لابنه إلى استئناف عتق لاحتاج إليه أيضا الإبن المولود من أمته إذ كانت الأمة مملوكة فإن قيل إن ولد أمته منه حر الأصل فلم يحتج من أجل ذلك إلى استئناف عتق والولد المشترى مملوك فلا يعتق بالشرى حتى يستأنف له عتقا قيل له اختلافهما من هذا الوجه لا يمنع وجه الاستدلال منه على ما وصفنا في أن الإنسان لا يبقى له ملك على ولده وأنه واجب أن يعتق عليه إذا ملكه وذلك لأنه لو جاز له أن يبقى له ملك على ولده لوجب أن يكون ولده من أمته رقيقا إلى أن يعتقه وإنما اختلف الولد والمولود من أمته والولد المشترى في كون الأول حر الأصل وكون الآخر معتقا عليه ثابت الولاء منه من قبل أن الولد المشترى قد كان ملكا لغيره فلا بد إذا اشتراه من وقوع العتاق عليه حتى يستقر ملكه إذ غير جائز إيقاع العتق في ملك بائعه لأنه لو وقع العتاق في ملكه لبطل البيع لأنه بعد العتق ولا يصح أيضا وقوعه في حال البيع لأن حصول العتق ينفى صحة البيع في الحال التي يقع فيها فوجب أن يعتق في الثاني من ملكه ولا يصح أيضا وقوع العتاق في حال الملك لأنه يكون إيقاع عتق لا في ملك فلذلك وجب أن يعتق في الثاني من ملكه وأما الولد المولود في ملكه من جاريته فإنا لو أثبتنا له ملكا فيه كان هو المستحق للعتق في حال الملك فلا جائز أن يثبت ملكه مع وجود ما ينافيه وهو استحقاق العتاق في تلك الحال فكان حر الأصل ولم يثبت له ملك فيه ولو ثبت ملكه ابتداء فيه لكان مستحقا بالعتق في حال ما يريد إثباته لوجود سببه الموجب له وهو ملكه للأم وغير جائز إثبات ملك ينتفى في حال وجوده واختلافهما من هذا الوجه لا ينفى أن يكون ملكه لولده في الحالين موجبا لعتقه وحريته قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قيل فيه وجهان أحدهما في الآخرة يحب بعضهم بعضا كمحبة الوالد للولد وقال ابن عباس ومجاهد ودا في الدنيا آخر سورة مريم.