ولم يأمر بالإعادة. فيه الدلالة على أن من صلى العصر عند غروب الشمس فلا إعادة عليه قوله تعالى (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) يعنى إنى جعلت من رآك أحبك حتى أحبك فرعون فسلمت من شره وأحبتك امرأته آسية بنت مزاحم فثبتتك قوله تعالى (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) قال قتادة لتغذى على محبتي وإرادتى قوله تعالى (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) قال سعيد بن جبير سألت ابن عباس عن قوله تعالى (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) فقال استأنف لها نهارا يا ابن جبير ثم ذكر في معناه وقوعه في محنة بعد محنة أخلصه الله منها أولها إنها حملته في السنة التي كان فرعون يذبح الأطفال ثم إلقاؤه في اليم ثم منعه الرضاع إلا من ثدي أمه ثم جره لحية فرعون حتى ثم بقتله ثم تناوله الجمرة بدل الدرة فدرأ ذلك عنه قتل فرعون ثم مجيء رجل من شيعته يسعى ليخبره عما عزموا عليه من قتله وقال مجاهد في قوله تعالى (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) معناه خلصناك خلاصا وقوله تعالى (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) فإن الاصطناع الإخلاص بالألطاف ومعنى لنفسي لتصرف على إرادتى ومحبتي قوله تعالى (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها) قيل في وجه سؤال موسى عليهالسلام عما في يده أنه على وجه التقرير له على أن الذي في يده عصا ليقع المعجز بها بعد التثبت فيها والتأمل لها فإذا أجاب موسى بأنها عصا يتوكأ عليها عند الإعياء وينفض بها الورق لغنمه وإن له فيها منافع أخرى فيها ومعلوم أنه لم يرد بذلك إعلام الله تعالى ذلك لأن الله تعالى كان أعلم بذلك منه ولكنه لما اقتضى السؤال منه جوابا لم يكن له بد من الإجابة بذكر منافع العصا إقرارا منه بالنعمة فيها واعتدادا بمنافعها والتزاما لما يجب عليه من الشكر له ومن أهل الجهل من يسأل عن ذلك فيقول إنما قال الله له (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) فإنما وقعت المسألة عن ماهيتها ولم تقع عن منافعها وما تصلح له فلم أجاب عما لم يسئل منه ووجه ذلك ما قدمنا وهو أنه أجاب عن المسألة بديا بقوله هي عصاي ثم أخبر عما جعل الله تعالى له من المنافع فيها على وجه الاعتراف بالنعمة وإظهار الشكر على ما منحه الله منها وكذلك سبيل أنبياء الله تعالى المؤمنين عند مثله في الاعتداد بالنعمة ونشرها وإظهار الشكر عليها وقال الله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)