ولدا مع قوله (مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) قيل له جائز أن يكون معنى المخلقة ما ظهر فيه بعض صورة الإنسان فأدار بقوله خلقكم منها تمام الخلق وتكميله فأما ما ليس بمخلقة فلا فرق بينه وبين النطفة لعدم الصورة فيها فيكون معنى قوله خلقكم منها أنه أنشأ الولد منها وإن لم يكن ولدا قبل ذلك هذا هو حقيقة اللفظ وظاهره وأما قوله (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) فإنه معلوم أن مراده وضع الولد فما ليس بولد فليس بمراد وهذا لا يشكل على أحد له أدنى تأمل وقال إسماعيل أيضا لا تخلوا هذه المضغة وما قبلها من العلقة من أن تكون ولدا أو غير ولد فإن كانت ولدا قبل أن يخلق فحكمها قبل أن يخلق وبعدها واحد وإن كانت ليست بولد إلى أن يخلق فلا ينبغي أن يرث الولد أباه إذا مات حين تحمل به أمه قبل أن يخلق قال أبو بكر وهذا إغفال ثان وكلام منتقض بإجماع الفقهاء وذلك لأنه معلوم أنه إذا مات عن امرأته وجاءت بولد لسنتين على قول من يجعل أكثر مدة الحمل سنتين أو لأربع سنين على قول من يجعل أكثر الحمل أربع سنين أن الولد يرثه ومعلوم أنه إنما كان نطفة وقت وفاة الأب وقد ورثه ومع ذلك فلا خلاف أن النطفة ليست بحمل ولا ولد وأنه لا تنقضي بها العدة ولا تعتق بها أم الولد فبان ذلك فساد اعتلاله وانتقاض قوله وليست علة الميراث كونه ولدا لأن الولد الميث هو ولد تنقضي بها العدة ويثبت به الاستيلاد في الأم وقد لا يكون من مائه فيرثه إذا كان منسوبا إليه بالفراش ألا ترى أنها لو جاءت بولد من الزنا لم يلحق نسبه بالزاني وكان ابنا لصاحب الفراش فالميراث إنما يتعلق حكمه بثبوت النسب منه لا بأنه من مائه ألا ترى أن ولد الزنا لا يرث الزاني لعدم ثبوت النسب وإن كان من مائه فعلمنا بذلك أن ثبوت الميراث ليس بمتعلق بكونه ولدا من مائه دون حصول النسبة إليه من الوجه الذي ذكرنا قال إسماعيل فإن قيل إنما ورث أباه لأنه من ذلك الأصل حين صار حيا يرث ويورث قيل له فلا ينبغي أن تنقضي به العدة وإن تم خلقه حتى يخرج حيا قال أبو بكر وهذا تخليط وكلام في هذه المسألة من غير وجهه وذلك لأن خصمه لم يجعل وجوب الميراث علة لانقضاء العدة وكون الأم به أم ولد وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين لأن الولد الميت عندهم جميعا تنقضي به العدة ولا يرث وقد يرث الولد ولا تنقضي به العدة إذا كان في بطنها ولدان فوضعت أحدهما ورث هذا الولد من أبيه ولا تنقضي به العدة حتى تضع الولد الآخر فإن وضعته ميتا