والتطوع ويدل على أنه كان قارنا أن حفصة قالت يا رسول الله ما بال الناس حلوا ولم تحل أنت من عمر تك فقال إنى سقت الهدى فلا أحل إلا يوم النحر ولو استقبلت من أمرى ما استدبرته ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة فلو كان هديه تطوعا لما منعه الإحلال لأن هدى التطوع لا يمنع الإحلال فإن قيل إن كان النبي صلىاللهعليهوسلم قارنا فقد كان إحرام الحج يمنعه الإحلال فلا تأثير للهدى في ذلك قيل له لم يكن إحرام الحج مانعا في ذلك الوقت من الإحلال قبل يوم النحر لأن فسخ الحج كان جائزا وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم أمر أصحابه الذين أحرموا بالحج أن يتحللوا بعمل عمرة فكانوا في ذلك الوقت بمنزلة المتمتع الذي يحرم بالعمرة مفردا بها فلم يكن يمتنع الإحلال فيما بينها وبين إحرام الحج إلا أن يسوق الهدى فيمنعه ذلك من الإحلال وهذه كانت حال النبي صلىاللهعليهوسلم في قرانه وكان المانع له من الإحلال سوق الهدى دون إحرام الحج وفي ذلك دليل على صحة ما ذكرنا من أن هدى النبي صلىاللهعليهوسلم كان هدى القران لا التطوع إذ لا تأثير لهدى التطوع في المنع من الإحلال بحال ويدل على أنه كان قارنا قوله صلىاللهعليهوسلم أتانى آت من ربي في هذا الوادي المبارك وقال قل حجة وعمرة ويمتنع أن يخالف ما أمره به ربه ورواية ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم أفرد الحج لا يعارض رواية من روى القران وذلك لأن راوي القران قد علم زيادة إحرام لم يعلمه الآخر فهو أولى وجائز أن يكون راوي الإفراد سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول لبيك اللهم لبيك ولم يسمعه يذكر العمرة أو سمعه ذكر الحج دون العمرة وظن أنه مفرد إذ جائز للقارن أن يقول لبيك بحجة دون العمرة وجائز أن يقول لبيك بعمرة وجائز أن يلبى بهما معا فلما كان ذلك سائغا وسمعه بعضهم يلبى بالحج وبعضهم سمعه يلبى بحج وعمرة كانت رواية من روى الزيادة أولى وأيضا فإنه يحتمل أن يريد بقوله أفراد الحج أفعال الحج وأفاد أنه أفرد أفعال الحج وأفرد أفعال العمرة ولم يقتصر للإحرامين على فعل الحج دون العمرة وأبطل بذلك قول من يجيز لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا وقد روى عن جماعة من الصحابة والتابعين الأكل من هدى القران والمتعة وروى عطاء عن ابن عباس قال من كل الهدى يؤكل إلا ما كان من فداء أو جزاء أو نذر وروى عبيد الله بن عمر قال لا يؤكل من جزاء الصيد والنذر ويؤكل مما سوى ذلك وروى هشام عن الحسن وعطاء قالا لا يؤكل من الهدى كله إلا الجزاء فهؤلاء الصحابة والتابعون قد أجازوا