وقد اختلف في معنى ألقى الشيطان فقال قائلون لما تلا النبي صلىاللهعليهوسلم هذه السورة وذكر فيها الأصنام علم الكفار أنه يذكرها بالذم والعيب فقال قائل منهم حين بلغ النبي صلىاللهعليهوسلم إلى قوله تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) تلك الغرانيق العلى وذلك بحضرة الجمع الكثير من قريش في المسجد الحرام فقال سائر الكفار الذين كانوا بالبعد منه إن محمدا قد مدح آلهتنا وظنوا أن ذلك كان في تلاوته فأبطل الله ذلك من قولهم وبين أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يتله وإنما تلاه بعض المشركين وسمى الذي ألقى ذلك في حال تلاوة النبي صلىاللهعليهوسلم شيطانا لأنه كان من شياطين الإنس كما قال تعالى (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) والشيطان اسم لكل متمرد عات من الجن والإنس وقيل إنه جائز أن يكون شيطانا من شياطين الجن وقال ذلك عند تلاوة النبي صلىاللهعليهوسلم ومثل ذلك جائز في أزمان الأنبياء عليهمالسلام كما حكى الله تعالى عنه بقوله (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) وإنما قال ذلك إبليس حين تصور في صورة سراقة بن مالك لقريش وهم يريدون الخروج إلى بدر وكما تصور في صورة الشيخ النجدي حين تشاورت قريش في دار الندوة في أمر النبي صلىاللهعليهوسلم وكان مثل ذلك جائزا في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم لضرب من التدبير فجائز أن يكون الذي قال ذلك شيطانا فظن القوم أن النبي صلىاللهعليهوسلم قاله وقال بعضهم جائز أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قد تكلم بذلك على سبيل السهو الذي لا يعرى منه بشر فلا يلبث أن ينبهه الله عليه وأنكر بعض العلماء ذلك وذهب إلى أن المعنى إن الشيطان كان يلقى وساوسه في صدر النبي صلىاللهعليهوسلم ما يشغله عن بعض ما يقول فيقرأ غلطا في القصص المتشابهة نحو قصة موسى عليهالسلام وفرعون في مواضع من القرآن مختلفة الألفاظ فكان المنافقون والمشركون ربما قالوا قد رجع عن بعض ما قرأ وكان ذلك يكون منه على طريق السهو فنبهه الله تعالى عليه فأما الغلط في قراءة تلك الغرانيق فإنه غير جائز وقوعه من النبي صلىاللهعليهوسلم كما لا يجوز وقوع الغلط على بعض القرآن بإنشاد شعر في أضعاف التلاوة على أنه من القرآن وروى عن الحسن أنه لما تلا ما فيه ذكر الأصنام قال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم إنما هي عندكم كالغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى في قولكم على جهة النكير عليهم قوله تعالى (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) قيل إن المنسك الموضع المعتاد لعمل خير أو شر وهو المألف