ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل فلما جعل هذه الأشياء بمنزلة الأضحية دل على أن الأضحية غير واجبة إذ كان فعل هذه الأشياء غير واجب وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثني إبراهيم بن موسى الرازي قال حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى عياش عن جابر بن عبد الله قال ذبح النبي صلىاللهعليهوسلم يوم النحر كبشين أقرنين أملحين موجئين فلما وجههما قال إنى وجهت وجهى للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم منك ولك عن محمد وأمته باسم الله والله أكبر ثم ذبح قالوا ففي ذبحه عن الأمة دلالة على أنها غير واجبة لأنها لو كانت واجبة لم تجز شاة عن جميع الأمة قال أبو بكر وهذا لا ينفى الوجوب لأنه تطوع بذلك وجائز أن يتطوع عمن قد وجب عليه كما يتطوع الرجل عن نفسه ولا يسقط ذلك عنه وجوب ما يلزمه ومما يحتج من نفى الوجوب ما قدمنا روايته عن السلف من نفى إيجابه وفيه الدلالة من وجهين على ذلك أحدهما أنه لم يظهر من أحد من نظرائهم من السلف خلافه وقد استفاض عمن ذكرنا قولهم من السلف نفى إيجابه والثاني أنه لو كان واجبا مع عموم الحاجة إليه لوجب أن يكون من النبي صلىاللهعليهوسلم توقيف لأصحابه على وجوبه ولو كان كذلك لورد النقل به مستفيضا متواترا وكان لا أقل من أن يكون وروده في وزن ورود إيجاب صدقة الفطر لعموم الحاجة إليه وفي عدم النقل المستفيض فيه دلالة على نفى الوجوب ويحتج فيه بأنه لو كان واجبا وهو حق في مال لما اختلف حكم المقيم والمسافر فيه كصدقة الفطر فلما لم يوجبه أبو حنيفة على المسافر دل على أنه غير واجب ويحتج فيه أيضا بأنه لو كان واجبا وهو حق في مال لما أسقطه مضى الوقت فلما اتفق الجميع على أنه يسقط بمضى أيام النحر دل على أنه غير واجب إذ كانت سائر الحقوق الواجبة في الأموال نحو الزكاة وصدقة الفطر والعشر ونحوها لا يسقطها مضى الأوقات قوله تعالى (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ـ إلى قوله ـ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) قيل معناه جاهدوا في الله حق جهاده واتبعوا ملة أبيكم إبراهيم ولذلك نصب وقال بعضهم نصب لأنه أراد كملة أبيكم إلا أنه لما حذف الجار اتصل الاسم بالفعل فنصب قال أبو بكر وفي هذه الآية دلالة على أن علينا اتباع شريعة إبراهيم إلا ما ثبت