الصلاة وهذا عندنا كان عذرا من وجهين أحدهما أنه لم يأمن من مجيء العدو من تلك الناحية والثاني اشتغال قلبه بالفارس إلى أن طلع وروى عن إبراهيم النخعي أنه كان يلحظ في الصلاة يمينا وشمالا وروى حماد بن سلمة عن حميد عن معاوية بن قرة قال قيل لابن عمر إن كان الزبير إذا صلى لم يقل هكذا ولا هكذا قال لكنا نقول هكذا وهكذا ونكون مثل الناس وروى عن ابن عمر أنه كان لا يلتفت في الصلاة فعلمنا أن الالتفات المنهي عنه أن يولى وجهه يمنة ويسرة فأما أن يلحظ يمنة ويسرة فإنه غير منهى عنه وروى سفيان عن الأعمش قال كان ابن مسعود إذا قام إلى الصلاة كأنه ثوب ملقى وروى أبو مجلن عن أبى عبيدة قال كان ابن مسعود إذا قام إلى الصلاة خفض فيها صوته وبدنه وبصره وروى على بن صالح عن زبير اليامى قال كان أراد أن يصلى كأنه خشبة قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) واللغو هو الفعل الذي لا فائدة فيه وما كان هذا وصفه من القول والفعل فهو محظور وقال ابن عباس اللغو الباطل والقول الذي لا فائدة فيه هو الباطل وإن كان الباطل قد يبتغى به فوائد عاجلة قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) يجوز أن يكون المراد عاما في الرجال والنساء لأن المذكر والمؤنث إذا اجتمعا غلب المذكر كقوله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) قد أريد به الرجال والنساء ومن الناس من يقول إن قوله (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) خاص في الرجال بدلالة قوله تعالى (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) وذلك لا محالة أريد به الرجال قال أبو بكر وليس يمتنع أن يكون اللفظ الأول عاما في الجميع والاستثناء خاص في الرجال كقوله (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) ثم قال (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) فالأول عموم في الجميع والعطف في بعض ما انتظمه اللفظ وقوله (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) عام لدلالة الحال عليه وهو حفظها من مواقعة المحظور بها قوله تعالى (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) يقتضى تحريم نكاح المتعة إذ ليست بزوجة ولا مملوكة يمين وقد بينا ذلك في سورة النساء في قوله (وَراءَ ذلِكَ) معناه غير ذلك وقوله (العادُونَ) يعنى من يتعدى الحلال إلى الحرام فأما قوله (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) استثناء من الجملة المذكورة لحفظ الفروج وإخبار عن إباحة وطء الزوجة وملك اليمين فاقتضت الآية حظر ما عدا هذين الصنفين في الزوجات وملك الأيمان ودل بذلك على إباحة وطء الزوجات