إنما نزلت بعد ذلك وليس فيها ذكر النفي فوجب أن يكون ناسخا لما في حديث عبادة من النفي إن كان النفي حدا ومما يدل على أن النفي على وجه التعزير وليس بحد أن الحدود معلومة المقادير والنهايات ولذلك سميت حدودا لا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها فلما لم يذكر النبي صلىاللهعليهوسلم للنفي مكانا معلوما ولا مقدارا من المسافة والبعد علمنا أنه ليس بحد وأنه موكول إلى اجتهاد الإمام كالتعزير لما لم يكن له مقدار معلوم كان تقديره موكولا إلى رأى الإمام ولو كان ذلك حدا لذكر النبي صلىاللهعليهوسلم مسافة الموضع الذي ينفى إليه كما ذكر توقيت السنة لمدة النفي وأما الجمع بين الجلد والرجم للمحصن فإن فقهاء الأمصار متفقون على أن المحصن يرجم ولا يجلد والدليل على صحة ذلك حديث أبى هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف وإن أبا الزاني قال سألت رجلا من أهل العلم فقالوا على امرأة هذا الرجم فلم يقل النبي صلىاللهعليهوسلم بل عليها الرجم والجلد وقال لأنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولم يذكر جلدا ولو وجب الجلد مع الرجم لذكره له كما ذكر الرجم وقد وردت قصة ما عز من جهات مختلفة ولم يذكر في شيء منها مع الرجم جلد ولو كان الجلد حدا مع الرجم لجلده النبي صلىاللهعليهوسلم ولو جلده لنقل كما نقل الرجم إذ ليس أحدهما بأولى بالنقل من الآخر وكذلك في قصة الغامدية حين أقرت بالزنا فرجمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد أن وضعت ولم يذكر جلدا ولو كانت جلدت لنقل وفي حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال قال عمر قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وقد قرأنا الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ورجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمنا بعده فأخبر أن الذي فرضه الله هو الرجم وأن النبي صلىاللهعليهوسلم رجم ولو كان الجلد واجبا مع الرجم لذكره واحتج من جمع بينهما بحديث عبادة الذي قدمناه وقوله الثيب بالثيب الجلد والرجم وبما روى ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر أن رجلا زنى بامرأة فأمر به النبي صلىاللهعليهوسلم فجلد ثم أخبر أنه قد كان أحصن فأمر به فرجم وبما روى أن عليا جلد شراحة الهمدانية تم رجمها وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأما حديث عبادة فإنا قد علمنا أنه وارد عقيب كون حد الزانيين الحبس والأذى ناسخا له واسطة بينهما بقوله صلىاللهعليهوسلم خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا ثم كان رجم ماعز والغامدية وقوله واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها
«٧ ـ احكام مس»