فأما قوله عز اسمه : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (القمر : ٤٩) و (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) (ق : ٤٣) ونحو ذلك فأصله «إنّنا» ولكن حذفت إحدى النونين من «إنّ» تخفيفا ، وينبغي أن تكون الثانية منهما لأنها طرف ، فهي أضعف ، وهي التي حذفت في قوله :
... إن قتلت لمسلما |
|
... (١) |
وقد حذفت مع اللام تشبيها بالنون ، فقالوا : لعلّي ، وأصله لعلّني. وحذفوها مع ليت لأنها أخت لعلّ ، ومن أبيات الكتاب (٢) :
كمنية جابر إذ قال ليتي |
|
أصادفه وأفقد جلّ مالي (٣) |
وروينا عن قطرب لمهلهل :
زعموا أنني ذهلت وليتي |
|
أستطيع الغداة عنها ذهولا |
أي : ليتني.
وإنما زيدت هذه النون في ضربني ويضربني ليسلم الفعل من الكسر ، وتقع الكسرة على النون.
وزادوها أيضا مع «إنّ» وأخواتها لمشابهتهن الفعل. وزادوها أيضا في نحو منّي وعنّي لأنهما لما سكن آخرهما أشبهتا الفعل. وعلى هذا قالوا : قطني ، وقد قالوا قطي أيضا ، وقدني وقدي.
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) البيت لزيد الخيل كما في الكتاب (٢ / ٣٧٠) ، والعيني (١ / ٣٤٦).
(٣) المنية : ما يتمناه الإنسان. القاموس المحيط (٤ / ٣٩٢). جابر : رجل من غطفان تمنى أن يلقى زيدا ، فلما التقيا طعنه زيد برمح ، فانكسر ظهره.
* * *