وأما قوله سبحانه : (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ) (الأنعام : ١٤٤) ، وقوله : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) (يونس : ٥٩) فإنما جاز احتمالهم لقطع همزة الوصل مخافة التباس الاستفهام بالخبر ، وأيضا فقد يقطعون في المصراع الأول بعض الكلمة وما هو منها أصل ، ويأتون بالبقية في أول المصراع الثاني ، فإذا جاز ذلك في أنفس الكلم ، ولم يدل على انفصال بعض الكلمة من بعض ، فغير منكر أيضا أن يفصل لام المعرفة في المصراع الأول.
ولا يدل ذلك على أنها عندهم في نية الانفصال ، كما لم يكن ذلك في ما هو من أصل الكلمة ، قال :
يا نفس أكلا واضطجا |
|
عا نفس لست بخالدة (١) |
وهو كثير.
ومنه قول الأعشى :
حلّ أهلي ما بين درني فبادو |
|
لي ، وحلّت علوّية بالسّخال (٢) |
__________________
(١) يا نفس : أسلوب إنشائي في صورة نداء غرضه التحذير. اضطجاعا : ضجع اضطجاعا : إذا وضع الرجل جنبه بالأرض ، وبابه قطع وخضع. خالدة : الخلد : دوام البقاء ، وبابه دخل. القاموس المحيط (١ / ٢٩١) مادة / خلد. الشاهد فيه : جواز الانفصال في أصل الكلمة وذلك في قوله (اضطجا / عا).
(٢) نسب البيت صاحب اللسان إلى الأعشى في مادة (س خ ل) (١١ / ٣٣٢). الأعشى : هو أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل ، من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية ، وأحد أصحاب المعلقات ، وكان يغني بشعره فسمي صناجة العرب. حل : أي نزل. ويقال حلّ بالمكان أي نزل به. مادة (ح ل ل). القاموس (٣ / ٣٥٩). درني : اسم موضع بناحية اليمامة وذكرها صاحب اللسان (درن) (١٣ / ١٥٤). بادولي : اسم موضع بناحية اليمامة أيضا ولكنه بطن فلج ، وفلج هذه اسم نمر وقيل اسم موضع وقيل اسم واد. علوية : يقصد العالية ، وهي ما فوق أرض نجد إلى تهامة. السخال : موضع بناحية اليمامة. الشاهد فيه : جواز الانفصال في أصل الكلمة أيضا في مثل قوله (بادو / لي).