وأما التكسير فهو محمول في ذلك على التحقير ، وذلك أنك إذا قلت «خواتم» و «ضوارب» فلا ضمة في أول الحرف ، ولكنك لما كنت تقول في التحقير «خويتم» قلت في التكسير «خواتم» قال الأعشى :
... |
|
وتترك أموال عليها الخواتم (١) |
وإنما حمل التكسير في هذا على التحقير لأنهما من واد واحد ، وذلك أن هذا التكسير جار مجرى التحقير في كثير من أحكامه من قال أن علم التحقير ياء ثالثة ساكنة قبلها فتحة ، وعلم التكسير ألف ثالثة ساكنة قبلها فتحة ، والياء أخت الألف من الوجوه التي تقدم ذكرها ، وما بعدها ياء التحقير حرف مكسور كما أنّ ما بعد ألف التكسير حرف مكسور ، فلمّا تناسبا من هذه الوجوه حمل التكسير على التحقير ، فقيل «خوالد» كما قيل «خويلد». وكما حمل التكسير في هذا الموضع على التحقير كذلك أيضا حمل التحقير في غير هذا الموضع على التكسير ، وذلك في قول من قال في تحقير «أسود» و «جدول» (٢) : «أسيود» و «جديول» فأظهر الواو ولم يعللها لوقوع الياء الساكنة قبلها ، وذلك أنه لما كان يقال في التكسير «أساود» و «جداول» قال أيضا في التحقير «أسيود» و «جديول» وأجرى الواو في الصحة بعد ياء التحقير مجراها فيها بعد ألف التكسير ، فكما جاز أن يشبّه «ضوارب» بـ «ضويرب» وإن لم تكن في ضاد «ضوارب» ضمة كضمة ضاد «ضويرب».
كذلك أيضا جاز أن يشبه «أسيود» في تصحيح واوه بعد الياء بـ «أساود» في تصحيح واوه بعد الألف وإن كان في «أسيود» ما يبعث على القلب ، وهو وقوع الياء ساكنة قبل الواو.
ومن ذلك قولك في «قاتل» و «ضارب» ونحوهما : «قوتل» و «ضورب» انقلبت الألف الزائدة واوا للضمة قبلها.
__________________
(١) قال الأعشى هذا البيت يعاتب يزيد بن مسهر الشيباني. والشاهد فيه : مجيء جمع خاتم في الكثرة على خواتم. إعراب الشاهد : الخواتم : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة الرفع الضمة وخبره الجار والمجرور قبله «عليها».
(٢) الجدول : النهر الصغير والجمع جداول. لسان العرب (١١ / ١٠٦).