وهو ضرب ، وقتل ، ومعز ، ومأروط ، فلما لم تكن الحروف متصرفة ولا مشتقة بطل أن يقضي بزيادة ألفاتها ، ويفسد أيضا أن تكون بدلا من نحو الوجه الذي فسد منه أن تكون زائدة ، وذلك أن البدل أيضا ضرب من التصرف ؛ ألا ترى أنك لا تجد لألف ما ، ولا ، وحتى ، وكلّا أصلا في ياء ولا واو كما تجد لألف غزا ، ودعا ، وسعى ، ورمى أصلا في الياء ، والواو لقولك : غزوت ، ودعوت ، وسعيت ، ورميت ، فكما بطل أن تكون الألف فيها زائدة بطل أيضا أن تكون بدلا.
ودليل آخر على فساد كونها بدلا وجودك الألف في نحو «ما» و «لا» ، فلو كانت الألف في نحو ذلك بدلا لم تخل من أن تكون بدلا من ياء أو واو ، فلو كانت بدلا من الياء لوجب أن تقول في «ما» ، و «لا» : «مي» و «لي» كما قالوا : أي ، وكي ، ولو كانت بدلا من الواو لوجب أن تقول : «مو» و «لو» كما قلت : أو ، ولو ؛ ألا ترى أن الياء والواو إنما تقلبان إذا وقعتا طرفين متى تحركتا ، فإذا سكنتا لم يجب قلبهما ، وأواخر الحروف أبدا ساكنة إلا أن يلتقي ساكنان ، ولا ساكنين في نحو : ما ، ولا ، كما أنه لا ساكنين في نحو : قد ، وهل.
وكذلك القول عندنا في الأسماء القاعدة في شبه الحرف ، نحو : أنّى ، ومتى ، وإذا ، وإيّا ، ينبغي أن تكون ألفاتها أصولا غير زوائد ولا مبدلة ، لأن أواخرها ينبغي أن تكون سواكن ، ألا ترى أن «أنّى» في الاستفهام بمنزلة «من» و «كم» وأنه ينبغي أن يكون آخرها ساكنا كما أن آخر «من» و «كم» ساكن ، فوجودك الألف في المكان الذي يسكن فيه الحرف الصحيح أدلّ دليل على كونها أصلا غير زائدة ولا مبدلة.
والقول في «متى» أيضا كالقول في «أنّى» لأنها أختها في الاستفهام ورسيلتها في استحقاق البناء. وكذلك «إذا» هي مستحقة للبناء لاقتصارهم على إضافتها إلى الجملة ، فينبغي أن يكون آخرها ساكنا كآخر «إذ» فالألف إذن في آخرها أصل ، إذ لا حركة فيها توجب قلبها. وكذلك القول في ألف «إذا» التي للمفاجأة لأنها مبنية ، وحكمها أن تكون ساكنة الآخر.
وأما «إيّا» فاسم مضمر ، وقد تقدمت الدلالة في هذا الكتاب وغيره مما صنفناه وأمللناه على صحة كونه مضمرا بمنزلة «أنت» و «أنا» و «هو» فكما أن هذه كلها مبنية لشبه الحرف فيها ، كذلك ينبغي أن تكون «إيّا» مبنية أيضا.