ونحو من ذلك أيضا إبدال بعضهم ألف التأنيث في الوقف همزة ، وذلك ما حكاه سيبويه من قولهم في الوقف «هذه حبلأ» (١). وقد أبدلوا أيضا الألف في الوقف ياء ، فقالوا (٢) : هذه أفعي ، وحبلي».
قال الراجز (٣) :
إنّ لطيّ نسوة تحت الغضي |
|
يمنعهنّ الله ممّن قد طغي |
بالمشرفيّات وطعن بالقني (٤) |
قال سيبويه (٥) : «ومنهم من يبدلها أيضا في الوصل ياء ، فيقول : هذه أفعي عظيمة». فكما أبدل حرف الإعراب في جميع هذه الأشياء ، ولم يدل انقلابه على أنه ليس بحرف إعراب ، كذلك أيضا يجوز قلب الألف التي للتثنية ، ولا يدل ذلك على أنها ليست بحرف إعراب. فهذا أحد وجهي الحجاج.
وأما الوجه الآخر فإن في ذلك ضربا من الحكمة والبيان ، وذلك أنهم أرادوا بالقلب أن يعلموا أن الاسم باق على إعرابه ، وأنه متمكن غير مبني ، فجعلوا القلب دليلا على تمكن الاسم وأنه ليس بمبني بمنزلة «متى» و «إذا» و «أنّى» و «إيّا» مما هو مبني وفي آخره ألف.
فإن قلت : فإذا كانت الألف في التثنية حرف إعراب ، فهلا بقيت في الأحوال الثلاث ألفا على صورة واحدة ، كما أن ألف حبلى وسكرى ، حرف إعراب وهي باقية في الأحوال الثلاث على صورة واحدة في نحو قولك : هذه حبلى ، ورأيت حبلى ، ومررت بحبلى.
__________________
(١) الكتاب (٢ / ٢٨٥).
(٢) الكتاب (٢ / ٢٨٥) وهل لغة لفزارة وناس من قيس وهي قليلة كما في الكتاب (٢ / ٢٨٧) وقد حكاها الخليل وأبو الخطاب.
(٣) الأبيات في المنصف (١ / ١٦٠) والمحتسب (١ / ٧٧).
(٤) الغضي : نوع من النبات. المشرفيات : السيوف المصنوعة من المشارف وهي قرى من اليمن القنا : الرماح. والشاهد فيه (الغضي ـ بالقني) حيث أبدلت الألف في حالة الوقف ياء.
(٥) الكتاب (٢ / ٢٨٧) وفيه أن هذه لغة طيئ.