فالجواب : أن أبا علي ذهب إلى أن «حيّة» و «حوّاء» كـ «سبط» (١) و «سبطر» و «لؤلؤ» و «لأّال» (٢) و «دمث» (٣) و «دمثر» (٤) و «دلاص» (٥) و «دلامص» في قول أبي عثمان (٦) ، وأنّ هذه ألفاظ اقتربت أصولها ، واتفقت معانيها ، وكل واحد لفظه غير لفظ صاحبه ، فكذلك «حيّة» مما عينه ولامه ياءان ، و «حوّاء» مما عينه واو ولامه ياء ، كما أن «لؤلؤا» رباعي «ولأال» ثلاثي ، ولفظاهما مقتربان ، ومعنياهما متفقان.
ونظير ذلك في العين قولهم : «جبت جيب القميص» (٧) فـ «جبت» عينه واو ، لأنه من جاب يجوب ، و «الجيب» عينه ياء ، لقولهم في جمعه «جيوب» قال الله عز وجل : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) (النور : ٣١) (٨).
وقال ابن الدمينة (٩) :
ألا لا أبالي ما أجنّت قلوبهم |
|
إذا نصحت ممن أحبّ جيوب (١٠) |
وإنما جعلنا «حوّاء» من باب ما عينه واو ولامه ياء ، وإن كان يمكن لفظه أن يكون مما عينه ولامه واوان ، من قبل أن هذا هو الأكثر في كلامهم.
ولم تأت الفاء والعين واللام كلها ياءات إلا في قولهم : ييّيت ياء حسنة ، على أن فيه ضعفا من طريق الرواية.
__________________
(١) سبط : السبط من الرجال : الطويل.
(٢) لأال : بائع اللؤلؤ.
(٣) دمث : المكان الدمث : لان وسهل. اللسان (٢ / ١٤٩) مادة / دمث.
(٤) نفس المعنى السابق مع اختلاف في الحروف.
(٥) دلاص : من الدروع اللينة والبراقة وملساء لينة.
(٦) المنصف (١ / ١٥٢).
(٧) جيب القميص : طوقه. القاموس المحيط (١ / ٥٠) مادة / جيب.
(٨) (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ :) وليلقين بغطاء الرأس على فتحة الصدر لستر شعورهن وأعناقهن. والشاهد : أن كلمة الجيب عينها ياء.
(٩) انظر ديوانه (ص ١١٤).
(١٠) الشاعر لا يبال بما يحدث لمن يرفض النصيحة ، وقد استخدم أداة الاستفتاح «ألا» لجذب الانتباه. والشاهد فيه كلمة (جيوب) حيث جاءت عين الكلمة ياء.