فإن قلت : فقد حكى أبو زيد : لقيته فينة والفينة ، وقالوا للشمس إلاهة والإلاهة ، وليست فينة ولا إلاهة بصفتين فيجوز تعريفهما وفيهما اللام كالحارث والعباس.
فالجواب : أن فينة والفينة (١) وإلاهة والإلاهة مما اعتقب عليه تعريفان : أحدهما بالألف واللام ، والآخر بالوضع والعلمية ، ولم نسمعهم يقولون لات ولا عزّى بغير لام ، فدل لزوم اللام على زيادتها وأنّ ما هي فيه ليس مما اعتقب عليه تعريفان.
وأنشدنا أبو علي (٢) :
أما ودماء لا تزال كأنها |
|
على قنّة العزّى وبالنّسر عند ما (٣) |
قال أبو علي : «واللام في النّسر زائدة» وهو كما قال ، لأن نسرا بمنزلة عمرو.
واعلم أنك لا تجد في كلامهم اسما يغلب على واحد من أمّته وفيه لام التعريف لازمة له إلا وهو مشتق أو مشتق منه صفة كان أو مصدرا ، فالصفة نحو الحارث والعبّاس والحسن والمظفّر.
ألا ترى أن أصل هذا أن تقول : مررت برجل حارث ، ونظرت إلى آخر عبّاس ، وجاءني الحارث. والمصدر نحو : الفضل والعلاء ، وإنما دخلتهما اللام لأنك قدّرتهما قبل على قول من قال : مررت برجل فضل ، وكلّمني رجل علاء ، كما يقال :
__________________
(١) فينة : الفينة الساعة والحين ، ويقال : أزوره الفينة بعد الفينة. القاموس (٤ / ٢٥٦).
(٢) أبو علي : أنشده في المسائل الحلبيات. والبيت لعمرو بن عبد الجن كما في اللسان (١٣ / ٦).
(٣) دماء : نكرة للدلالة على الكثرة. لا تزال : أسلوب نفي غرضه التوكيد. كأنها : أسلوب تشبيه تمثيلي. قنة العزى : أعلاها. النسر : اسم لصنم كان لذي الكلاع بأرض حمير. عند ما : العندم : البقم وهو شجر يصبغ به. الشاهد فيه : زيادة اللام في نسر لأنه اسم علم والاسم العلم يندر أن تلازمه لام التعريف ، ذلك أن نسرا بمنزلة عمرو وغيره من الأسماء. والبيت ذكره ابن منظور في مادة (أبل) ضمن أبيات نسبها إلى ابن عبد الجن. اللسان (١١ / ٦)