تنكشف أمامه حقائق الكون بوضوح ، ويزداد ايمانه بالله وبالقيم قوة وثباتا.
والمجاهد في سبيل الله لا يعيش نفاقا في ذاته ، ولا تناقضا بين الدنيا والاخرة ، انه قد باع الدنيا بالآخرة ، واشترى بنفسه جنة عرضها السموات والأرض ، فهو مطمئن من نفسه ، واثق من طريقته ومنهجه.
ولكن لا يعني هذا ان القاعدين كفار ، بل هم مدينون عليهم أن يهيئوا مصالح العباد ، فالفلاح في حقله ، والعامل في مصنعه ، والكاتب في مكتبه ، والكاسب والتاجر و.. و.. لكل واحد من هؤلاء واجب ، ومسئولية ودور يؤديه في الحياة ، وعليه ان يؤدي دوره تماما ودون غش فيه.
ان المدنيين في المجتمع الاسلامي يشكلون صفوف الجهاد في سبيل الله ، فلو لا زيادة الانتاج الزراعي ، ولو لا جودة الصناعة الاسلامية ، ولو لا سلامة وصدق البحوث العلمية المؤدية الى الكشوف والاختراعات ، ولو لا تداور الثروة بين التاجر والكاسب و.. و.. إلخ ، لو لا كل ذلك لا يتمكن الجندي المسلم ان يؤدي دوره بالكامل ، ولذلك بيّن القرآن هنا : ان افضلية المجاهد لا تعني أبدا ان القاعد (العامل بوظائفه المدنية) قد غمط حقه ، وجهل قدره وقيمته وقال :
(وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى)
بإيمانه واتباعه لمناهج الله في الحياة ، وعاد القرآن وأكد اهمية الجهاد وفضل المجاهدين وقال :
(وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً)
ذلك لكي يبين ان المجاهد رفعه الله درجة في الدنيا ، وأعطاه اجرا عظيما في الدنيا والاخرة.