بدر) فقال له المقداد : نحن لا نقول لك مثل ما قالت اليهود لنبيهم (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) بل نحن نقول : لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد.
[٢٥] ان اتباع القيادة بصدق هو هذا الاتباع لا ذاك ، لذلك تبرأ موسى من قومه ، وقال :
(قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)
ان اخطر بلاء ينزل على الأمة اللامسؤولة التي تلقي بأعبائها على كاهل قيادتها وتتقاعس عن العمل هو : حرمانها من تلك القيادة ، حيث ينفصل عنها قادتها المصلحون بعد التأكيد من أن لا رجاء في إصلاحهم.
لقد تبرأ موسى من قومه وانفصل عنهم ورماهم بالفسق.
[٢٦] اما الجزاء الثاني : فهو البقاء في التخلف لان هذه الامة لم ترض بدفع ضريبة التقدم وهي الجهاد ، لذلك كان جزاء بني إسرائيل عند ما تقاعسوا عن حرب الجبارين أن بقوا في التيه ، كما أن جزاء كل أمة لا تتبع قيادتها الرسالية ، هو بقاؤها في مستنقع الضلالة والتخلف حتى تعرف أهمية القيادة ، وتعود الى رشدها.
(قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)
ان موسى تبرأ من قومه وطلب من ربه بأن يفرق بينهم وبينه ، وقد استجاب له الله وطلب منه ان ينسى هموم قومه ، ولا يأسف على ما يصل إليهم.