وإن يفد توكيد منكور قبل |
|
وعن نحاة البصرة المنع شمل |
فى توكيد النكرة ثلاثة مذاهب : المنع مطلقا وهو مذهب البصريين ، والجواز مطلقا وهو مذهب بعض الكوفيين ، والجواز إذا كانت النكرة مؤقتة نحو شهر ويوم وشبههما وهو اختيار المصنف وظاهر النظم لاشتراطه الفائدة ولا تحصل الفائدة إلا فى النكرة المؤقتة نحو صمت شهرا كله ، ومنه قوله :
١٤٢ ـ يا ليتنى كنت صبيا مرضعا |
|
تحملنى الذلفاء حولا أكتعا |
وقوله أيضا :
١٤٣ ـ لكنه شاقه أن قيل ذا رجب |
|
يا ليت عدّة شهر كله رجب |
ويؤيده قوله فى التسهيل إن أفاد توكيد النكرة جاز وفاقا للأخفش والكوفيين ، والمنقول عن الأخفش والكوفيين أن النكرة لا تؤكد إلا إذا كانت مؤقتة وفهم من كلامه أن المجيز لتوكيد النكرة الكوفيون لذكره البصريين فى المنع وفهم من قوله شمل أن البصريين يمنعون توكيدها مطلقا سواء كانت مؤقتة أو غير مؤقتة ، وعن متعلق بشمل. ثم قال :
واغن بكلتا فى مثنى وكلا |
|
عن وزن فعلاء ووزن أفعلا |
يعنى أن العرب استغنت بكلتا فى المثنى المؤنث عن وزن فعلاء وبكلا فى المذكر عن وزن أفعل فتقول قامت المرأتان كلتاهما والرجلان كلاهما ولا يقال قامت المرأتان جمعاوان ولا قام الزيدان أجمعان كما قالوا فى المفرد أجمع وفى الجمع أجمعون ، ولا بد من إضافة
__________________
(١٤٢) الرجز بلا نسبة فى الدرر ٦ / ٣٥ ، ٤١ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٦٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٠٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٦٢ ، ٥٦٥ ، ولسان العرب ٨ / ٣٠٥ (كتع) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٩٣ ، والمقرب ١ / ٢٤٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٣ ، ١٢٤.
والشاهد فيه قوله : «حولا أكتعا» حيث أكد النكرة المحدودة ، وهو مذهب الكوفيين.
(١٤٣) البيت من البسيط ، وهو لعبد الله بن مسلم الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ٢ / ٩١٠ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٤٠٧ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٩٠ ، والإنصاف ص ٤٥٠ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٣٢ ، وتذكرة النحاة ص ٦٤٠ ، وجمهرة اللغة ص ٥٢٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٧٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٠٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٢٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٥٥١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٩٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٩٦.
والشاهد فيه قوله : «حول كله» حيث أكّد النكرة التى هى قوله : «حول» لما كانت النكرة محدودة ، لأن «العام» معلوم الأول والآخر وكان لفظ التوكيد من الألفاظ الدالة على الإحاطة ، وهو قوله : «كله» وتجويز ذلك هو مذهب الكوفيين.