يعنى أن هذين النونين لا يؤكدان جميع الأفعال بل يؤكدان ما ذكر ، وذلك الأمر بصيغة افعل وشمل قوله افعل الأمر والدعاء لأنه أمر فى المعنى ، وشمل أيضا الأمر للواحد والواحدة والاثنين والجمع مذكرين أو مؤنثين فتقول اضربن يا زيد واضربن يا هند واضربان واضربن واضربنان ويؤكدان أيضا المضارع بشروط : أولها أن يكون مستقبلا وهو المراد بقوله آتيا وفهم منه أن المضارع إذا أريد به الحال لا يؤكد بهما. الثانى أن يكون ذا طلب فشمل المقرون بلام الأمر نحو ليقومن ولا الناهية نحو لا تقومن وأداة التحضيض أو العرض نحو هلا تقومن أو التمنى نحو ليتك تقومن أو الاستفهام نحو هل تقومن. الثالث أن يقع بعد إن الشرطية المقرونة بإما نحو فإما ترين وهو المراد بقوله أو شرطا إما تاليا أى أو شرطا تاليا إما. الرابع أن يقع جوابا لقسم وهو مستقبل مثبت وهو المراد بقوله أو مثبتا فى قسم مستقبلا وقوله توكيد مبتدأ وخبره فى المجرور قبله وبنونين متعلق بتوكيد لأنه مصدر وهما كنونى اذهبن إلى آخر البيت مبتدأ وخبر والجملة صفة لنونى وافعل مفعول بيؤكدان ويفعل معطوف عليه وآتيا حال من يفعل وذا طلب حال بعد حال وشرطا معطوف على ذا طلب وتاليا نعت لشرط وما مفعول مقدم بتاليا ومثبتا معطوف على شرط وفى قسم متعلق بمثبت ومستقبلا نعت لمثبت ويجوز أن يكون آتيا حال من يفعل ولا يراد به قيد الاستقبال ويكون ذا طلب حالا من الضمير المستتر فى آتيا ويكون حينئذ شرط الاستقبال مستفادا من قوله ذا طلب أو شرطا لما علم من أن الطلب والشرط لا يكونان إلا مستقبلين ويؤيده قوله فى القسم مثبتا مستقبلا.
ثم اعلم أن نونى التوكيد يكونان مع غير ما ذكر على وجه القلة وإلى ذلك أشار بقوله:
وقلّ بعد ما ولم وبعد لا |
|
وغير إمّا من طوالب الجزا |
فذكر أربعة مواضع تلحق فيها النونان الفعل المضارع على وجه القلة وذلك بعد ما والمراد بها ما الزائدة وبعد لم ولا النافيتين وبعد أداة الشرط غير إما ، فمثاله بعد ما الزائدة قولهم بعين ما أرينك ، ومثاله بعد لم قوله :
١٧٥ ـ يحسبه الجاهل ما لم يعلما |
|
شيخا على كرسيّه معمّما |
__________________
(١٧٥) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه ٢ / ٣٣١ ، وله أو لأبى حيان الفقعسى أو لمساور العبسى أو للدبيرى أو لعبد بنى عبس فى خزانة الأدب ١١ / ٤٠٩ ، ٤١١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٧٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٨٠ ، ولمساور العبسى أو للعجاج فى الدرر ٥ / ١٥٨ ، ولأبى حيان الفقعسى فى شرح التصريح ٢ / ٢٠٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٢٩ ، وللدبيرى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٦٦ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٤٠٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٠٦ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٨٨ ، ٤٥١ ، ورصف المبانى ص ٣٣ ، ٣٣٥ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٧٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٩٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٤٦ ، وشرح المفصل ٩ / ٤٢ ، والكتاب ٣ / ٥١٦ ، ولسان ـ ـ