ومثاله بعد لا قوله عزوجل : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال : ٢٥] ومثاله بعد الشرط بغير إما قوله :
١٧٦ ـ فمهما تشأ منه فزارة تعطكم |
|
ومهما تشأ منه فزارة تمنعا |
أراد تمنعن فأبدل من النون الخفيفة ألفا فى الوقف ، وغير مخفوض عطفا على لا.
ولما فرغ من ذكر ما يدخله نونا التوكيد على اختلاف أنواعه أخذ فى بيان ما ينشأ عن دخولها فى التغيير فقال : (وآخر المؤكّد افتح كابرزا) علم أن حق آخر المؤكد بهما الفتح لأنهم جعلوا الفعل معهما بمنزلة خمسة عشر فتقول اضربن ولا تقومن وابرزن ولا تبرزن. وآخر مفعول مقدم بافتح والمؤكد نعت لمحذوف تقديره وآخر الفعل المؤكد افتح. ثم إنه قد يعرض فى الأفعال المؤكدة بالنون عوارض توجب لها غير الفتح أشار إليها بقوله :
واشكله قبل مضمر لين بما |
|
جانس من تحرّك قد علما |
يعنى أن الفعل المؤكد بإحدى النونين إذا كان فاعله ضميرا لينا فإنك تجعل فى آخر الفعل شكلا مجانسا لذلك الضمير وشمل قوله لين ألف التثنية وواو الجمع وياء المخاطبة فتقول هل تقومان يا زيدان وهل تقومن يا زيدون وهل تقومن يا هند وشمل أيضا الصحيح الآخر كالمثل والمعتل الآخر نحو هل تغزوان يا زيدان وهل تغزن يا زيدون وهل تغزن يا هند. ثم إن الضمير اللين إذا كان غير الألف حذف لالتقاء الساكنين وإليه أشار بقوله : (والمضمر احذفنّه) وأل فى المضمر للعهد أى المضمر المتقدم وهو اللين فتقول هل تقومن يا زيدون وأصله تقومون فاجتمعت الواو الساكنة والنون ساكنة فحذفت الواو لالتقائهما ثم استثنى من الضمائر المذكورة الألف فقال : (إلّا الألف) وإنما لم تحذف الألف لخفتها فتقول هل تقومان والهاء فى اشكله عائدة على آخر الفعل فهو على حذف مضاف أى اشكل آخره وقبل متعلق باشكله ولين نعت
__________________
ـ العرب ٣ / ٣٢ (شيخ) ، ١٤ / ٢٢٩ (خشى) ، ١٥ / ٩٩ (عمى) ، ٤٢٨ (الألف اللينة) ، ومجالس ثعلب ص ٦٢٠ ، ونوادر أبى زيد ص ١٣٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٨.
والشاهد فيه قوله : «ما لم يعلما» يريد : «ما لم يعلمن» بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة ألفا ، فيكون الشاعر قد أكّد المضارع المنفى ب «لم» وهذا قليل.
(١٧٦) البيت من الطويل ، وهو للكميت بن معروف فى حماسة البحترى ص ١٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٧٢ ، وللكميت بن ثعلبة فى خزانة الأدب ١١ / ٣٨٧ ، ٣٨٨ ، ٣٩٠ ، ولسان العرب ٨ / ٢٧٣ (قزع) ، وللكميت بن معروف أو للكميت بن ثعلبة الفقعسى فى المقاصد النحوية ٤ / ٣٣٠ ، ولعوف بن عطية بن الخرع فى الدرر ٥ / ١٦٥ ، والكتاب ٣ / ٥١٥ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٧ / ٥٠٩ ، ٥١٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٠٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٩.
والشاهد فيه قوله : «تمنعا» بنون التوكيد ، وهو جواب الشرط وليس من مواضع النون ، لأنه خبر يجوز فيه الصدق والكذب ولكنه أكّد تشبيها بالنهى حين كان مجزوما غير واجب.