يعنى أن علم إذا كانت بمعنى عرف وهو أن يكون معناها متعلقا بالمفرد تتعدى إلى مفعول واحد كقوله تعالى : (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال : ٦٠] وأن ظن إذا كانت بمعنى اتهم تتعدى أيضا إلى مفعول واحد كقولك ظننت زيدا على المال أى اتهمته وليس حينئذ من أفعال هذا الباب وتعدية مبتدأ وخبره فى المجرور قبله ولواحد متعلق بتعدية وملتزمة صفة لتعدية وأضاف علم إلى العرفان وهو مصدر عرف وأضاف ظن إلى تهمة وهو مصدر اتهم. ثم قال :
ولرأى الرّؤيا انم ما لعلما |
|
طالب مفعولين من قبل انتمى |
يعنى أن رأى الحلمية ينتسب لها من العمل ما انتسب لعلم الطالبة للمفعولين السابقة لأنها شبيهة بها فى كونها فيها إدراك بالحس الباطنى ومنه قوله :
٥٧ ـ أراهم رفقتى حتى إذا ما |
|
تولّى الليل وانخزل انخزالا |
وأضاف رأى للرؤيا ليعلم أنها الحلمية لأن مصدرها الرؤيا ومصدر رأى البصرية رؤية واحترز بقوله طالب مفعولين من علم العرفانية وانم بمعنى انسب وانتمى بمعنى انتسب وما موصولة واقعة على حكم علم المتعدية إلى مفعولين وهى مفعولة بانم وصلتها انتمى ولرأى متعلق بانم ، ولعل متعلق بانتمى وطالب مفعولين حال من علم ، وكذلك من قبل متعلق بانتمى والتقدير انسب العمل الذى انتسب من قبل لعمل فى حال كونه مفعولين لرأى الرؤيا.
ثم قال :
ولا تجز هنا بلا دليل |
|
سقوط مفعولين أو مفعول |
يعنى أن المفعولين فى هذا الباب لا يجوز حذفهما معا ولا حذف أحدهما من غير أن يدل على الحذف دليل وهذا هو الحذف على جهة الاقتصار لأنهما فى الأصل مبتدأ وخبر ، وفهم منه أنه يجوز حذفهما وحذف أحدهما إذا دل على الحذف دليل ، وهو الحذف على جهة الاختصار فمن حذفهما معا قوله :
__________________
(٥٧) البيت من الوافر ، وهو لابن أحمر فى ديوانه ص ١٣٠ ، والحماسة البصرية ١ / ٢٦٢ ، والدرر ٢ / ٢٥٢ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٠ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٤١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٤٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٠.
والشاهد فيه قوله : «أراهم رفقتى» حيث استعمل الفعل «رأى» دالا على الحلم والرؤيا ، فنصب مفعولين هما الضمير فى «أراهم» ، وقوله : «رفقتى».