التاريخ ، ولصار الشجاع في نظرنا جباناً والكريم بخيلاً ، والحليم سفيهاً ، اذ ما من صفة كريمة إلاّ وقد ادّعاها البعض فيه زوراً.
وإذا ما عدنا إلى قضية ( المهدي ) نجدها واحدة من أهم القضايا التي دوّخت بصداها ذوي الأطماع السياسية ، فلا جرم أن يدّعيها البعض لأنفسهم أو يروّجها لهم أتباعهم لتحقيق مآربهم.
وكما ان العاقل لا ينكر وجود الحق بمجرد ادّعاء من لا يستحقه ، فكذلك ينبغي عليه أن لا ينكر ظهور المهدي المبشّر به في آخر الزمان على لسان أكرم ما خلق الله عزّ وجل ، نبينا الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بمجرد دعاوى المهدوية الباطلة ، هذا مع تصريح علماء الإسلام بصحة الكثير من أحاديث المهدي المروية بطرق شتى بما يفيد مجموعها التواتر ، كما ارسل بعضهم تواترها ارسال المسلّمات كما تقدم في هذا البحث.
وبعد أن انكشف واقع هذه الشبهات ، وأصبح ساقها هشيماً ، وعودها حطاماً ، وبناؤها ركاماً ، بقيت شبهة أُخرى ، خلاصتها معارضة طول عمر الإمام المهدي للعقل والعلم.
وهذه الشبهة هي من أهم ما تمسكوا به في المقام ، وسوف نقف عندها بالمقدار الذي يسمح به البحث في فصله الأخير ، لكي يتضح بجلاء أن تلك الشبهة مخالفة لمنطق العقل والعلم ، مؤكدين على ان للعقل حدوداً تستقل عن رغبات الفرد وأهوائه الشخصية وميوله واتجاهاته ، واحكاماً يستسيغها جميع العقلاء ولا يقتصر قبولها على عقل زيد أو عمرو.
فهناك فارق كبير جداً بين ما هو ممتنع الوقوع في نفسه بحيث لا يمكن ان يقع في أي حال من الاحوال حتى على أيدي الانبياء والاوصياء عليهمالسلام ، كاجتماع النقيضين ، وبين ما هو ممكن الوقوع في نفسه