قبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، فجاء أعرابي فزاره ثم قال : يا خير المرسلين إن الله عزوجل أنزل كتابا عليك صادقا قال فيه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) [النساء : ٦٤] ، وإني جئتك مستغفرا إلى ربي من ذنوبي مستشفعا بك ، ثم بكى وأنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه |
|
فطاب من طيبهن القاع والأكم |
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه |
|
فيه العفاف وفيه الجود والكرم |
أنت النبي الذي ترجى شفاعته |
|
عند الصراط إذا ما زلّت القدم |
ثم استغفر وانصرف ، فرقدت فرأيت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : الحق بالرجل فبشره بأن الله عزوجل قد غفر له بشفاعتي (١).
أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف ـ فيما أذن لي في روايته عنه ـ ، قال : كتب إليّ أبو علي الحداد ، عن أبي نعيم الأصبهاني قال : أنبأنا جعفر بن محمد بن نصير ، أخبرنا أبو يزيد المخزومي ، أخبرنا الزبير بن بكار ، حدّثنا محمد بن الحسن ، حدّثني غير واحد منهم : عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن عمر بن محمد ، أنه لما كان أيام الحرة ترك الأذان في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أيام ، وخرج الناس إلى الحرة ، وجلس سعيد بن المسيب في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فاستوحشت ، فدنوت من قبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما حضرت الصلاة ، سمعت الأذان في قبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، فصليت ركعتين ، ثم سمعت الإقامة فصليت الظهر ، ثم جلست حتى أصلي العصر ، فسمعت الأذان في قبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم سمعت الإقامة. ثم لم أزل أسمع الأذان والإقامة في قبره صلىاللهعليهوسلم حتى مضت الثلاث ، وقفل القوم ودخلوا مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعاد المؤذنون فأذنوا ، فتسمعت الأذان في قبره صلىاللهعليهوسلم ، فلم أسمعه ، فرجعت إلى مجلسي الذي كنت فيه أكون (٢).
__________________
(١) انظر ذلك في : تفسير ابن كثير ٢ / ٣٠٦ ، تفسير القرطبي ٥ / ٢٦٥ ، «المغني» لابن قدامة ٣ / ٥٥٧ ، «الإيضاح» للنووي ص ٤٥١ ، «سبل الهدى والرشاد» للصالحي ١٢ / ٣٨ ، «وفاء الوفا» للسمهودي ٤ / ١٣٦١.
(٢) «سنن» الدارمي ١ / ٤٧ (٩٤).