وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث أنس بن مالك رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما أخذ المربد من بني النجار ، كان فيه نخل وقبور المشركين وخرب ، فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالنخل فقطع ، وبقبور المشركين فنبشت ، وبالخرب فسويت.
قال : فصفوا النخل قبلة له وجعلوا عضادتيه حجارة. قال : وكانوا يرتجزون ورسول الله صلىاللهعليهوسلم معهم :
اللهم إن الخير خير الآخرة |
|
فاغفر للأنصار والمهاجرة (١) |
وجعلوا ينقلون الصخر ، وطفق النبي صلىاللهعليهوسلم ينقل اللّبن معهم في ثيابه ويقول :
هذا الحمال لا حمال خيبر |
|
هذا أبر ربنا وأطهر (٢) |
وبنى النبي صلىاللهعليهوسلم مسجده مربعا وجعل قبلته إلى بيت المقدس ، وطوله سبعون ذراعا أو يزيد ، وجعل له ثلاثة أبواب : بابا في مؤخره ، وباب عاتكة ـ وهو باب الرحمة ـ ، والباب الذي كان يدخل منه النبي صلىاللهعليهوسلم وهو باب عثمان.
ولما صرفت القبلة إلى الكعبة سد النبي صلىاللهعليهوسلم الباب الذي كان خلفه ، وفتح الباب الآخر حذاءه ، فكان المسجد له ثلاثة أبواب : باب خلفه ، وباب عن يمين المصلى ، وباب عن يساره ، وجعلوا أساس المسجد من الحجارة وبنوا باقيه من اللبن.
وفي «الصحيحين» كان جدار المسجد عند المنبر ما كانت الشاة تجوزه (٣) ، وقالت عائشة رضياللهعنها : كان طول جدار المسجد بسطة ، وكان عرض الحائط لبنة لبنة ، ثم إن المسلمين كثروا فبنوه لبنة ونصفا ، ثم قالوا : يا رسول الله ، لو أمرت فزيد فيه؟. قال صلىاللهعليهوسلم : نعم ، فأمر به فزيد فيه
__________________
(١) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار ، باب مقدم النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه المدينة (٣٩٣١) ، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة ، باب ابتناء مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم (٥٢٤).
(٢) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب «هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إلى المدينة» (٣٩٠٦).
(٣) أخرجه البخاري في الصلاة ، باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة (٤٩٧) ، ومسلم في الصلاة ، باب دنو المصلي من السترة (٥٠٩).