المؤمنين لبعد صيته وعطفه على جنده منك ، فرأينا أن نجعل أنفسنا دونك فإن ظفرنا جعلناك لنا واليا ، وكتبنا إلى أمير المؤمنين نسأله ولايتك ، وإن تكن الأخرى لم يعلم الفضل أنا أردناك ، والسلام.
فكان الكتاب إذا جاء أحدهم قال : «وما علىّ أن اكتفى هذا الأمر» ويطمع فيما كتب إليه به ، فأفسد الكتاب جماعة ، ولم يعالجهم الفضل وأمهلهم إلى أن دبّروا لأنفسهم ، وكتب ابن الجارود وأصحابه إلى باجة ، وبها جند من أهل خراسان يخبرونهم بالأمر الذى دخلوا فيه ، ويزينون لهم الخروج معهم ، فتسرعّ الناس إليه من كل ناحية ، وبلغ ذلك الفضل فكتب إلى عمّاله بالقدوم عليه ، ما خلا صاحب الزاب وهو العلاء بن سعيد ، وصاحب طرابلس ، وهو أبو عيينة ، ونادى فى الجند قال من شهد الأمر : فجعلت ـ يعلم الله ـ أنظر إلى العدّة منهم يأتون فيأخذون أعطيتهم ثم ينشرون السلاح ، ويخرجون إلى ابن الجارود.
وقدم على الفضل سمدون ، وأبو المغيرة ، وأبو عميلة ، فلما دخلوا عليه أمر لكل واحد منهم بخمسمائة درهم ، فبلغ ذلك من بالقيروان من أبناء خراسان فقال بعضهم لبعض : «ويحكم ، كيف ترضون بهذا أن يقوّى الفضل أهل الشام على أبنائنا .. يفعل ذلك بمن هو عبدة منا» ، وكان عمّاله أهل خراسان يقولون : «لا نقاتل معه» ، وولى الفضل محاربة ابن الجارود عبد الله بن يزيد بن حاتم.
وأقبل ابن الجارود على طلائعه فتح ، ووصّاف ، وابن الدّويدى ، وأقبل عبد الله بن يزيد وعلى مقدّمته شبيبة بن حسان وعلى طلائعه فلاح ، فنزلوا قرب طساس ، وجعل عبد الله يتنقّل حتى صار إليهم. ثم التقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، فولّت طلائع عبد الله بن الجارود وركبهم الآخرون فقتلوا منهم عدّة ، وكان على ميمنة عبد الله بن يزيد علّى بن هارون الأنصارى وسهل بن حاجب وعامر بن نافع ، وعلى المسيرة الميسرة عمر بن ... ، وشراحيل الأزدى ، فلما رأى سهل بن حاجب غريمه عبد الله بن يزيد فى قتالهم دنا منه ، ثم قال له : «والله إن زلنا نظن أنك سندا لهم وإنك تصانع عبدوية حتى