أما العنصر العربى فقد دخل مع مطلع الفتوحات الإسلامية لبلاد المغرب ، فالعنصر العربى دخل بلاد المغرب فى صورة جيوش فاتحة ، وقد استقر رجال هذه الجيوش فى نواحى المغرب كله بعد إتمام الفتح ، ولحقت بهم جماعات أخرى من الجند والمهاجرين العرب مع استمرار حركة الفتح ، وكانت نتيجة ذلك قيام مجتمعات عربية صغيرة معظمهم فى المدن والمعسكرات ، ومن هذه المراكز بدأوا ينتشرون فى نواحى البلاد ، ولحقت بهم جماعات من المهاجرين غير العسكريين أو غير الرسميين ، وهؤلاء جميعا تكون منهم ما يعرف بالعرب البلديين (١) أى عرب إفريقية فهم الذين استقروا فيها واعتبروها وطنا لهم دون أن يتخلوا عن عروبتهم ، فكانوا يتمسكون بأصولهم القبلية ويتحدون ضد الجند العربى الذى كانت ترسلهم الحكومة المركزية لإقرار الأمن فى البلاد ، وقد عرف هؤلاء الجند العربى بالشاميين لا لأنهم جميعا من أهل الشام ، بل لأنهم كانوا يأتون من الشام وهى قاعدة الحكم فى العصر الأموى.
ومن الواضح أن الجند العربي كان يتحول الكثير من رجالهم إلى عرب بلديين نتيجة للاستقرار فى البلاد ومخالطة أهلها ، وبهذه الطريقة كانت أعداد البلديين تتزايد بصورة مستمرة حتى نهاية العصر الأموى مما جعل غالبية هؤلاء البلديين ـ مع أنهم العنصر الهام للسلطان ـ يتحولون بمرور الزمن وتعاقب الأجيال إلى عرب إفريقيين ، ومن بينهم ظهر كبار الفقهاء والعلماء أمثال بهلول بن راشد وعبد الرحمن بن حبيب الفهرى وأسد بن الفرات وحبيب بن سعيد وأخيه سحنون وغيرهم ، ومع تخطيط عقبة بن نافع الفهرى لمدينة القيروان ٥٠ ه ـ ٥٥ ه بدأت فى إفريقية حركة التعرب بانتشار الإسلام واللغة العربية وعلوم الفقه والحديث ، حيث دخل نفر من البربر الإسلام ، وقد ذكر ابن خلدون أسماء القبائل البربرية التى اشتركت فى بناء القيروان واعتنقت الدين الإسلامى وهى لواته ونفوسه ونفراوة (٢).
__________________
(١) ابن عبد الحكم فتوح مصر والمغرب ١٨.
(٢) ابن خلدون العرب من ديوان المبتدأ والخبر ج ٦ ص ٤.