حلال حتى وصل هؤلاء التابعون فبينوا تحريمها رضى الله عنهم» (١).
ونلاحظ أن معظم هؤلاء التابعين كانوا يقيمون فى القيروان ولذلك كثر بناء المساجد التى كانوا يعلمون فيها الناس قواعد الإسلام ، وكان البربر يفدون على هذه المساجد فيستمعون إلى الدروس التى كانت تلّقى فيها ، وعلى أيدى هؤلاء التابعين بنيت عدة مساجد نذكر منها مسجد الرباطى الذى بناه أبو عبد الرحمن الحبلى عبد الله بن يزيد المعافرى الإفريقى ، وجامع الزيتونة الذى بناه إسماعيل بن عبيد الله الذى اشتهر بلقب تاجر الله.
وبفضل هؤلاء التابعين وضعت أول بزور العلم والفقه الإسلامى حيث تتلمذ على أيديهم الطبقة الأولى من علماء إفريقية أمثال أبى كريب المعافرى وعبد الله بن عبد الحكم البلوى وأبى خالد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافرى وأبى محمد خالد بن عمران التجيبى وسعيد بن لبيد المعافرى وأبى زكريا يحيى بن سلام وغيرهم.
وكان هؤلاء المتعلمون من أهل إفريقية يقضون بعض الوقت للدراسة فى القيروان ثم يعودون إلى قبائلهم ونواحيهم فيتقلدون وظائف القضاء والدين ويعلمون الناس أصول ومبادىء الإسلام ، فقد ذكر فى سيرة أسد بن الفرات بن سنان أن أباه قدم إلى إفريقية وأمه حامل به ، فولد أسد بتونس سنة ١٤٥ ه وقرأ على علىّ بن زياد (٢).
والشىء الملفت للنظر فى تلك الفترة أن العرب لما نزلوا إفريقية كانوا شديدى الاهتمام والحرص على أن يتخذوا لأبنائهم الكتاتيب الصغيرة الملحقة بالمساجد ليدرسوا فيها القرآن والحديث والدين واللغة العربية ، ويعجبنى قول الأستاذ الكبير حسن حسنى عبد الوهاب فى تعليقه على هذه الظاهرة : «إنهم عند ما أناخوا بمعسكرهم وخطوا قيروانهم ، أنشأوا
__________________
(١) ابن عذارى البيان المغرب ٢ / ٣٤.
(٢) المالكى رياض النفوس ج ١ ص ٦٥ ـ ٦٦ ، وص ١٠٧ ـ ١٠٨ ، والدباغ المصدر السابق ج ١ ص ١٣٨ ـ ١٤٨. د / حسين مؤنس المرجع السابق ص ٢٩٦ ، وابن الأبار الحلة السيراء ج ٢ ص ٣٨٠.