الدور والمساجد ، ثم التفتوا إلى تعليم صبيانهم ، فاتخذوا لهم محلا ـ كتّابا ـ بسيط البناء يجتمعون فيه لقراءة كتاب الله العزيز (١)».
ومع قيام الخلافة العباسية لم يجد العنصر العربى سواء أكانوا قيسية أم يمنية فى إفريقية سندا من الدولة العباسية حيث وفدت عناصر جديدة من الخراسانيين فى الحملات التى كان يبعثها العباسيون من وقت لآخر لبلاد إفريقية.
صحيح أنه حدثت فى بداية الأمر اضطرابات وصدامات مباشرة بين الجند العربى والخراسانى مما هدد بقاء السلطة العباسية فى إفريقية وكانت السبب مقتل محمد بن الأشعث الخزاعى ، ولكن بمرور الوقت اندمج العنصر العربى الخراسانى بأهل البلاد الأصليين (البربر) عن طريق المصاهرة ، فقد برز من العنصر الخراسانى عدد من الفقهاء والعلماء كان لهم دورا هامّا فى حدوث نهضة فقهية وعلمية فى إفريقية من أمثال محمد بن عبدوس.
ولكن من كان يقلق بال الدولة العباسية فى إفريقية هم الخوارج بشتى مذاهبهم ؛ لأن الخوارج كانوا من العوامل الرئيسية فى إسقاط الحكم الأموى ، مما دعا الخليفة المنصور أن يطلق يد ولاة مصر من أجل القيام بالحملات المتوالية للقضاء على الخوارج فى المغرب ، ومثال ذلك حملة محمد بن الأشعث التى تكلفت أموالا باهظة ، ونجح هذا الوالى فى قتل زعيم الخوارج الإباضية ، وهو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح بن مالك المعافرى ، ولكن سرعان ما استولى أبو حاتم الإباضى على القيروان ، وانتصر على واليها العباسى محمد بن الأشعث وقتله.
واستمرت مشكلة الخوارج تثير مخاوف وذعر بنى العباس ، فكان المنصور يرسل الحملة وراء الحملة ، وأخيرا أسند هذه المهمة للمهالبة الذين برعوا منذ العصر الأموى بقدراتهم فى التصدى للخوارج (٢).
__________________
(١) حسن حسنى عبد الوهاب ورقات القسم الأول وكذلك أداب المعلمين ص ٩.
(٢) ابن الأبار المصدر السابق ج ١ ص ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، والمالكى المصدر السابق ج ١ ص ٣٦٠ ، والنويرى المصدر السابق ج ٢٤ ص ٧٢.