١٨٠ ه ، وأنه لاطف «هرثمة بن أعين» وقدم له الهدايا فولاه ناحية الزاب ، وكانت بلاد الزاب منزل الكثير من التميميين قوم ورهط بنى الأغلب ، فكانت سندا قويا لإبراهيم بن الأغلب فيما بعد (١).
وعندما خلع الرشيد هرثمة بن أعين من ولاية إفريقية بدأ إبراهيم بن الأغلب يتطلع إليها بشغف ، وهناك ظروف وأسباب مهدت له الطريق للوصول إلى هذه الولاية ، فمنها أن الوالى «محمد بن مقاتل العكى» أساء معاملة جنده ، وقطع عنهم رواتبهم كما ذكرنا ، فثاروا عليه وناصبوه العداء إلى جانب انقلاب أهل القيروان عليه نتيجة علاقته مع البيزنطيين فى صقلية ، فقد قيل إنه لاطفهم عن طريق إرسال النحاس والسلاح والجلود والهدايا الثمينة إليهم.
وليس لدينا ما يثبت ذلك ولكن على أى حال شاع هذا الأمر بين الناس ، وقد حذره الفقيه بهلول بن راشد من إرسال هذه المواد التى تعتبر موارد عسكرية إلى أعداء الدين ، وهذا يدل على أن الفقهاء لم يقتصر عملهم على الناحية الدينية فحسب ، بل كانت لهم مواقفهم القومية (٢).
وفوق ذلك كله كانت براعة إبراهيم بن الأغلب فى القضاء على ثورة تمام بن تميم الذى بث الذعر والخوف والرعب لأهل إفريقية كلها حيث استعان إبراهيم بأهل إفريقية ، وهذه ميزة من ميزات الأغالبة عن أسرة آل طولون ، وقد اختلف الرواة والمؤرخون حول الدوافع والأسباب التى جعلت الخليفة هارون الرشيد يوافق على إسناد ولاية إفريقية لإبراهيم بن الأغلب ، فقد ذكر لنا «ابن الأبار» أن حصول إبراهيم على هذه الولاية كانت نتيجة نجاحه فى الكيد للأدارسة (٣).
__________________
(١) ابن الأثير الكامل فى التاريخ ج ٦ ص ١٥٤.
(٢) الرقيق القيروانى المصدر السابق ٢٠٥ ، ومحمود إسماعيل عبد الرازق الأغالبة ٢٢.
(٣) انظر : النويرى نهاية الأرب ج ٢٤ ص ٩٩. وابن الأبار الحلة السيراء ج ١ ص ٩٩. والأدارسة نسبة إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن الذى فر إلى المغرب الأقصى بعد انهزام إخوته فى موقعة الفخ بمكة سنة ١٦٩ ه وتمكن من الإفلات من الموت مع مولاه راشد إلى مصر ، ومنها إلى الطرف الغربى من العالم الإسلامى حيث استقر ببلدة «ليلى» قاعدة جبل زرهون فى سنة ٧٢ ه ، وبايعه ، بربر أوربة بالإمامة ونجح فى تأسيس دولة شيعية فى هذا الصقع من بلاد المغرب ، ثم انضمت إليه قبائل أخرى