رجلا له فضل فى نفسه ونهوض بما ولى أولّيه إفريقية». قال رجاء : «سأنظر فى ذلك يا أمير المؤمنين» وسكت أياما ، ثم جاءه ، فقال : «قد وجدت رجلا له فضل فى نفسه ونهوض بما ولى» قال : «من هو؟» قال : «محمّد بن يزيد مولى قريش» قال : «ما اعرفنى به ، أدخله فأدخله رجاء» على سليمان ، فقال له سليمان : «يا محمد بن يزيد ، اتّق الله وحده لا شريك له ، وقم فيمن وليتك بالحق والعدل ، اللهم اشهد عليه» فخرج وهو يقول «ما لى عذر إن لم أعدل».
فولى محمد إفريقية سنة تسع وتسعين ، وكانت ولايته سنتين وأشهرا ، فى أحسن سيرة وأعدلها ببركة سليمان ، وكتب سليمان إلى محمد بن يزيد : أن يأخذ آل موسى بن نصير وكل من التبس بهم حتى يوفوا ثلاثمائة ألف دينار ، ولا يرفع العذاب عنهم ، فقبض على عبد الله بن موسى ، فحبسه فى السجن ، ثم جاء بريد آخر : بضرب عنقه ، فولى ضرب عنقه خالد بن أبى حبيب ، وأما عبد العزيز بن موسى ، فإنه كان عاملا لأبيه على الأندلس ، فتزوج بعد خروج أبيه إلى إفريقية امرأة لذريق ملك روم الأندلس ، الذى قتله طارق بن زياد. فجاءته من الدنيا بشىء عظيم لا يوصف ، فلمّا دخلت عليه ، قالت : «مالى أرى أهل مملكتك لا يعظمونك ولا يسجدون لك ، كما كان أهل مملكة زوجى يعظمونه ويسجدون له؟» وقالت : «إن هم سجدوا لك وعظّموك أخرجت لك كنز ملوك الأندلس». فلما سمع ذلك منها ، أمر بباب فنقب فى ناحية من قصره قبالة الموضع الذى يجلس فيه ، وكان يأذن للناس منه ، فكان يدخل الرجل حين يدخل منكّسا رأسه ، مكبّا على يديه ، لقصر الباب ، وهى على سريرها تنظر إلى الناس من حيث لا يرونها ، فلما رأت ذلك ظنّت أنّه سجود ، فقالت لعبد العزيز : «الآن أقررت عينى ، وأخرجت له أموالا عظيمة. وبلغ النّاس أنه إنّما أمر بهذا الباب ، ليخبرها أنه إنما أمر الناس يسجدون له ، فثار عليه حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى ، وزياد بن عابدة البلوى ، وزياد بن نابغة فيمن معهم من الناس فقتلوه ، وذلك فى آخر سنة ثمان وتسعين ، فى آخر