عبد الرحمن بن حبيب الأمر فعزل أخاه عن القيادة وأزمع المبايعة لابنه حبيب بولاية العهد مما جعل إلياس يحرض أهل إفريقية ويتآمر مع أخيه عبد الوارث لقتله.
وإزاء كل هذه الأخطاء لعبد الرحمن سواء من ناحية الدولة العباسية أو من ناحية إفريقية تحرج مركزه ووقع القتال بينه وبين أخيه إلياس ، وكان معه معظم رؤساء الجند ، فكانت النتيجة أن قتل عبد الرحمن بن حبيب فى سنة ١٣٧ ه ، وفر ابنه حبيب إلى تونس (١).
وهكذا أسدل الستار على عبد الرحمن بن حبيب الفهرى بعد أن قضى فى الإمارة عشر سنوات وسبعة أشهر قضاها كلها فى حروب مع البربر.
ثم استعان ابنه حبيب بجماعات البربر لاستعادة ملك أبيه فى إفريقية ، ونجح فى قتل عمه إلياس ولكن لم يدم حكمه حتى استولى عمه عبد الوارث على القيروان ، ففر حبيب إلى قبيلة بربرية كبيرة مستعرية تعرف باسم ورفجومة (٢) وهى قبيلة طارق بن زياد ، وكان يرأس هذه القبيلة عاصم بن جميل (٣) ، وكان من الخوارج الصفرية وهو ابن أخت طارق بن زياد الذى تمكن من القضاء على حكم ونفوذ بنى حبيب فى إفريقية ، واقتحم مع رجال قبيلته القيروان وأقام فيها حكما خارجيا صفريا واضطهدوا أهل السنة حتى قيل إنهم دخلوا بخيلهم المسجد الجامع بالقيروان ، ولما بلغ ذلك أبا الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافرى إمام الخوارج الإباضية فى جبل نفوسة غضب لما أصاب المسجد ، فسار بجموعه
__________________
(١) الرقيق القيروانى ، تاريخ إفريقية والمغرب ص ١٣٤. والنويرى نهاية الأرب ج ٢٤ ص ٦٨.
والرقيق القيروانى المصدر السابق ص ١٣٩.
(٢) ابن عذارى ، البيان المغرب ج ١ ص ٨٠. والسيد عبد العزيز سالم تاريخ المغرب فى العصر الإسلامى ٢٥١. ود. حسين مؤنس معالم تاريخ المغرب والأندلس ص ٦٩ ، وابن حزم ، جمهرة أنساب العرب ٤٩٧.
(٣) كان عاصم بن جميل زعيما كاهنا «إدعى النبوة والكهانة» فبدل الدين وزاد الصلاة وأسقط ذكر النبى صلّى الله عليه وسلّم من الأذان ، وقيل هو من بطون نفزاوة.
انظر : ابن خلدون : العبر من ديوان المبتدأ والخبر ج ٤ ص ٤٠٩ ، وابن الأثير : الكامل فى التاريخ ج ٤ ص ٢٨٠ ، والرقيق القيروانى : تاريخ إفريقية والمغرب ص ١٤١.