أدركت ثأرى منك» فارتاب إلياس ساعة ، فنادى الناس : «قد أنصفك فلا تجبن ، فإن ذلك سبة عليك وعلى ولدك من بعدك» فخرج كل واحد منهما إلى صاحبه ، ووقف أهل العسكر ينظرون إليهما وإلى جلدهما وصبرهما ، فتطاعنا ساعة ثم تضاربا بسيفهما ، ولا ينال أحدهما من صاحبه إلا ما ينال الآخر ، وعجب الناس من ذلك ، ثم ضرب إلياس حبيبا ضربة فأعمل السيف فى ثيابه ودرعه حتى وصل إلى جسمه ، ثم عطف عليه حبيب فضربه بالسيف ضربة سقط من فرسه إلى الأرض ، وألقى حبيب بنفسه عليه ، فحزّ رأسه وأمر به فرفع على رمح ، ومرّ به إلى القيروان ، وهرب عبد الوارث بن حبيب ومن كان معه ممن فلّ من عسكر إلياس إلى بطن من البربر يقال لهم «ورفجومة» ، ودخل حبيب القيروان وبين يديه رأس إلياس عمّه ، ورأس محمد بن أبى عبيدة بن نافع ، عمّ أبيه ، ورأس محمد بن المغيرة بن عبد الرحمن ، وجاءه محمد بن عمرو بن مصعب القرشى ، وهو زوج عمّة أبيه مهنئا له فأمر بضرب عنقه ، فضربت وذلك كلّه فى شهر رجب سنة ثمان وثلاثين ومائة.
وكان إلياس لما قتل أخاه وجه بطاعته وفدا من وجوه الناس إلى أبى جعفر المنصور. ولما وصل عبد الوارث بن حبيب ومن معه إلى ورفجومة من نفزة ، نزلوا على عاصم بن جميل الورفجومى ، فكتب إليه حبيب : يأمره بأن يوجه بهم إليه ، فلم يفعل فزحف إليه حبيب فلقيه ، ولقيه عاصم ومن معه وكل من هرب من حبيب فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم حبيب ، وكان إذ خرج إليهم استخلف على القيروان أبا كريب جميل بن كريب القاضى ، فقوى أمر ورفجومة ، ثم زيّنوا له أمر المسير إلى القيروان وواعدهم أن يخذلوا الناس عن حربهم ، وكاتبهم بعض وجوه أهل القيروان خوفا على أنفسهم منه ، فيهم : عمر بن غانم وأظهروا أنهم يريدون أن يدعوا لأبى جعفر وظن العرب أن البربر تفى لهم بما وعدتهم وأعطتهم ، فزحف عاصم بن جميل وأخوه مكّرم بالبربر ومن لجأ إليهم من العرب بعد أن هزموا حبيبا ، وصار بناحية قابس ، فلما قربوا من القيروان خرج إليهم أبو كريب القاضى مع أهل القيروان ، فعسكروا بالوادى المعروف بأبى كريب ، حتى إذا دنا بعضهم من بعض خرج من عسكر جميل جماعة من أهل القيروان ، فخذلوا الناس ودعوهم إلى عاصم ،