أنه يريده فقال : يا أمير المؤمنين إن دخولي لم يضرك ولا أنقصك ولكنه شرّفني ، وإن هؤلاء قدموا لأمر فأحجموا دونه ، وإن الكلام لنشر ، وإنّ السكوت طيّ لا يعرف إلّا بنشره ، قال : فانشر لا أبا لك ، وأعجبه كلامه ، فقال : إنه أصابنا سنون (١) ثلاثة ، فسنة أكلت اللحم ، وسنة أذابت الشحم ، وسنة أنقت (٢) العظم ، وفي أيديكم فضول أموال ، فإن ، ـ وفي حديث ابن السّوسي : إن ـ كانت لله عزوجل ففرقوها على عباده وفي حديث ابن السّوسي : عباد الله ، ـ وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم؟ وإن كانت لكم فتصدقوا بها ، فإن الله عزوجل يجزي المتصدقين ، ولا يضيع أجر المحسنين ، يا أمير المؤمنين ، أشهد بالله لقد سمعت أبي حبيب بن درباس بن لا حق بن معدّ يحدث عن أبيه ، عن جده لا حق بن معدّ بن ذهل أنه وفد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسمعه يقول : «كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته ، وإنّ الوالي من الرعية كالرّوح من الجسد ، لا حياة له إلّا بها» (٣) فاحفظ ما استرعاك الله عزوجل من رعيتك ، فقال هشام : سمعا لمن فهم عن الله وذكّر به ، ثم قال هشام : ما ترك الغلام في واحدة عذرا ثم أمر أن يقسم في أهل البوادي ثلاثمائة ألف ، وأمر لدرباس بمائة ألف درهم ، فقال : يا أمير المؤمنين ارددها إلى جائزة المسلمين فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم ، قال : فما لك حاجة؟ قال : تقوى الله والعمل بطاعته ، قال : ثم ما ذا؟ قال : ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين [٤١٢٣].
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ ، عنه أنبأ أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي ، نا عون بن محمّد ، وأبو العيناء البصري ، قالا : نا أحمد بن أبي المتوكل ، نا سعدان الكاتب الأيلي ، حدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي ، عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : أصاب الناس مجاعة شديدة على عهد هشام بن عبد الملك ، فأذن هشام للناس فدخل في غمارهم درواس بن وردان العجلي وعليه جبة صوف منفصلا عليها بشملة ، فلما نظر إليه
__________________
(١) كذا بالأصل وم.
(٢) الأصل : «أبقت» والصواب عن م ، ونقي العظم استخرج نقيه (اللسان) ، والنقي : المخ (القاموس).
(٣) إلى هنا ينتهي الخبر في الإصابة ، ثم قال ابن حجر : وأورده ابن عساكر لكنه قال : درياس ورأيته بخط شيخ شيخنا الحافظ العلائي بباء موحدة من تحت.