وكلّ (١) ذلك؟ قال : يعادونك لما في يديك من الملك والمال والدنيا ، ولا أجد أحدا يعاديني لرفضي ذلك ، ولما عندي من الحاجة وقلة الشيء. فانصرف عنه ذو القرنين.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو نصر بن سيبويه ، أنا أبو سعيد الصيرفي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الصفار ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال : وقال سعيد بن سليمان : نا خلف بن خليفة ، نا أبو هاشم الرماني ، قال : بلغني أن ذا القرنين لما بلغ المشرق والمغرب مرّ برجل معه عصا يقلب عظام الموتى ، وكان إذا إتى مكانا أتاه ملك ذلك المكان فسائلوه (٢) بعلم ما به فعجب ذو القرنين فأتاه فقال : لم لا تأتيني ولم تسألني قال : لم يكن لي إليك حاجة ، وعلمت أنك إن يكن لك إليّ حاجة فستأتيني ، قال : فقال له : ما هذا الذي تقلب؟ قال : عظام الموتى هذا عملي منذ أربعين سنة أعرف الشريف من الوضيع وقد اشتبهوا عليّ ، فقال له ذو القرنين : هل لك أن تصحبني وتكون معي قال : إن ضمنت لي أمرا صحبتك ، قال ذو القرنين : ما هو؟ قال : تمنعني من الموت إذا نزل بي ، قال ذو القرنين : ما أستطيع ذلك ، قال : فلا حاجة لي في صحبتك.
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، حدّثني الحارث بن محمّد التميمي عن شيخ من قريش ، قال : مرّ الاسكندر بمدينة قد ملكها أملاك سبعة وبادوا فقال : هل بقي من نسل (٣) الأملاك الذين ملكوا هذه الدنيا أحد؟ قالوا : نعم ، رجل يكون في المقابر ، فدعا به فقال : ما دعاك إلى لزوم المقابر؟ قال : أردت أن أعزل عظام الملوك من عظام عبيدهم ، فوجدت عظامهم وعظام عبيدهم سواء ، فقال له : فهل لك أن تتبعني فأورثك شرف آبائك إن كانت لك همة ، قال : إنّ همتي لعظيمة إن كانت بغيتي عندك قال : وما بغيتك؟ قال : حياة لا موت فيها وشباب لا هرم معه ، وغنى لا فقر فيه وسرور بغير مكروه ، قال : لا ، قال : فامض لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن هو عنده ـ عزوجل ـ ويملكه ، قال الاسكندر : وهذا أحكم منا (٤).
أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن علي ، أنبأ أبو بكر محمّد بن علي الخيّاط
__________________
(١) اللفظة استدركت عن هامش الأصل ، وفي المختصر : وعمّ ذلك.
(٢) كذا بالأصل.
(٣) بالأصل : «يسكن» والمثبت عن المختصر.
(٤) في المختصر : أحكم من رأيت.