قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، قال : قال أحمد بن يوسف : اجتمع الحسن بن مهاجر ، وأحمد بن محمّد الواسطي الغد من يوم مات أحمد بن طولون على أخذ البيعة لأبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون ، فبدءوا بالعباس بن أحمد بن طولون قبل سائر الناس لأنه أخوه وأكبر منه سنا ، فوجهوا إليه عدة من خواصّ خدم أبيه يستحضرونه لرأي رأوه فلما وافى العباس قامت الجماعة إليه وصدروه وأبو الجيش داخل قاعد في صدر مجلس أبيه ، فعزاه الواسطي وبكى وبكت الجماعة ، ثم أحضر المصحف ، وقال الواسطي للعباس : تبايع أخاك ، فقال العباس : أبو الجيش ، فديته ابني وليس يسومني هذا ، ومن المحال أن يكون أحد أشفق عليه مني ، فقال الواسطي : ما أصلحتك هذه المحبة أبو الجيش أميرك وسيدك ، ومن استحق بحسن طاعته لك التقديم عليك ، فلم يبايع العباس فقام طبارجي وسعد الأيسر (١) ، فأخذا سيفه ومنطقته وعدلا به إلى حجرة من الميدان فلم يخرج منها إلّا ميتا ، وبايع الناس كلهم لأبي الجيش وأعطاهم البيعة وأخرج مالا عظيما ففرقه على الأولياء وسائر الناس ، وصحت البيعة لأبي الجيش يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة سبعين ومائتين.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي في كتابه ، أنا أبو عبد الله محمّد بن علي الصوري ، إجازة ، أنا عبد الله بن أبي الزبر قراءة عليه ، نا أبو الفتح عبد الواحد بن محمّد بن أحمد بن مسرور البلخي (٢) إجازة ، حدّثني علي بن محمّد المادرائي (٣) ، حدّثني أبو علي الحسين بن أحمد المادرائي (٤) عم أبي المعروف بأبي زنبور ، قال : كان أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون يتنزه في مرج عذراء (٥) بدمشق ، قال أبو محمّد : وكان أبو زنبور عامل أبي الجيش ، قال : فغنى له المعزفانيّ في الليل صوتا أبدل منه كلمة والصوت :
قد قلت لما هاج قلبي الذّكرى |
|
وأعرضت وسط السماء الشّعرى |
كأنها ياقوتة في مذرى |
|
ما أطيب الليل بسرّ من را (٦) |
__________________
(١) في الطبري : سعد الأعسر.
(٢) سير الأعلام ١٦ / ٤٢٢.
(٣) كذا بالأصل والأنساب وهذه النسبة إلى مادرايا ، ووردت فيه بالدال المهملة ، وفي ياقوت : ماذرايا بالذال المعجمة.
(٤) كذا بالأصل والأنساب وهذه النسبة إلى مادرايا ، ووردت فيه بالدال المهملة ، وفي ياقوت : ماذرايا بالذال المعجمة.
(٥) مرج عذراء : عذراء من قرى غوطة دمشق.
(٦) الأشطار الأول والثاني والرابع في الوافي بالوفيات ١٣ / ٤١٦ والخبر في السير ١٣ / ٤٤٧ بدون الشعر.