لا يدقّ المسمار فيسلس في الحلقة ، ولا يجلّه فيفصمها (١) ، واجعله قدرا.
أخبرنا أبو نصر محمّد بن حمد بن عبد الله الكبريتي (٢) ، أنا أبو مسلم محمّد بن علي بن محمّد بن الحسين النحوي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر بن محمّد الحرّاني ، نا سلمة بن شبيب ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن قتادة : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ)(٣) ، قال : كانت صفائح ، وأول من سردها وحلقها داود (٤).
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد الأنصاري ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه ، أنا أحمد بن سيدي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه قال : وأقام داود عليهالسلام صدرا من زمانه على عبادة ربه ، ورحمته للمساكين ، وكان قلّ يوم إلّا وهو يحرج متنكرا لا يعرف ، فإذا لقي القدّام ساءلهم عن مقدمهم ، ثم يقول : أرأيتم داود النبي كيف حاله هو لأمته ، ومن هو بين ظهريه ، وهل تنقمون من أمره شيئا؟ فيقولون : لا ، هو خير خلق الله عزوجل لنفسه ولأمته ، حتى بعث الله ملكا في صورة رجل قادم ، فلقيه داود ، فسأله كما كان يسأل غيره؟ فقال : هو خير الناس لنفسه وأمته ، إلّا أن فيه خصلة لو لم تكن فيه ، كان كاملا ، قال : ما هي؟ قال : يأكل ويطعم عياله من مال المسلمين ، فعند ذلك نصب داود إلى ربه عزوجل في الدعاء أن يعلمه عملا بيده يستغني به ويغني به عياله ، فألان الله عزوجل له الحديد وعلّمه صنعة الدروع ، فعمل الدرع وهو أول من عملها ، فقال الله عزوجل : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) يعني المسامير في الحلق ، قال : وكان يعمل الدرع فإذا ارتفع من عمله درع باعها ، فتصدق بثلثها ، واشترى بثلثها ما يكفيه وعياله ، وأمسك الثلث يتصدق به يوما بيوم إلى أن يعمل غيرها ، وقال : إن الله عزوجل أعطى داود شيئا لم يعطه غيره ، من حسن الصوت من خلقه ، إنه كان إذا قرأ الزّبور تسمع الوحش إليه حتى يؤخذ بأعناقها وما تنفر ، وما صنعت الشياطين المزامير والبرابط
__________________
(١) ممحوة بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ٨ / ١٠٨ وفي ابن العديم : وفي رواية : «فتنقصم» وفي م : فيعصها.
(٢) بالأصل وم : «الكبرتي» والمثبت عن فهارس شيوخ ابن عساكر (المطبوعة ٧ / ٤٣٩).
(٣) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٠.
(٤) انظر البداية والنهاية ٢ / ١٣ وبغية الطلب ٧ / ٣٤٠٧ ـ ٣٤٠٨.