الناس ، فما بقّيا لك فأحفظه ذلك ، فأرسل صاحب شرطه عبد الله بن مطيع ، فقال : انطلق إلى ابني عباس فقل لهما : بددا عني جمعكما ، ومن ضوى (١) إليكما من أهل العراق فقال ابن عباس : قل لابن الزبير : يقول لك ابن عباس : والله ما يأتينا من الناس غير رجلين : رجل طالب علم ، ورجل طالب فضل ، فأيّ هذين يمنع (٢) ، فأنشأ أبو الطّفيل عامر بن واثلة يقول :
لله درّ الليالي كيف يضحكنا |
|
حطوب شتّى أعاجيب ويبكينا |
ومثل ما تحدث الأيام من غير |
|
وابن الزبير عن الدّنيا يلهّينا |
كنا نجيء ابن عبّاس فيقبسنا |
|
فقها ويكسبنا أجرا ويهدينا |
ولا يزال عبيد الله مترعة |
|
جفانه مطعما ضعفى ومسكينا |
فاليمن والدّين والدنيا بدارهما |
|
ننال منه الذي نبغي إذا شينا |
إنّ النبي هو النور الذي كشفت |
|
به عمايات ماضينا وباقينا |
ورهطه عصمة في ديننا ولهم |
|
فضل علينا وحق واجب فينا |
ففيم يمنعنا منهم ويمنعهم |
|
منا وتؤذيهم فينا وتؤذينا (٣) |
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف المعدّل ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا ابن قتيبة قال : الحمد (٤) من هذا قول أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني ، وكان من آخر من رأى النبي صلىاللهعليهوسلم موتا بعد مائة سنة ، وهو القائل :
وبقّيت سهما في الكنانة واحدا |
|
سيرمى به أو يكسر السّهم كاسر (٥) |
وهو القائل (٦) :
أتدعونني شيخا وقد عشت حقبة |
|
وهنّ من الأزواج نحوى نوازع |
وما شاب رأسي من سنين تتابعت |
|
عليّ ولكن شيّبتني (٧) الوقائع |
__________________
(١) ضوى إليه : أوى وانضمّ.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي الأغاني : «تمنع» وفي المطبوعة : نمنع.
(٣) في الأغاني :
ففيم تمنعهم عنا وتمنعنا |
|
منهم ... |
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : الخير.
(٥) البيت في الأغاني ١٥ / ١٥١ وفيه أن عامرا «تمثل» ، وذكر البيت برواية : وخلّفت سهما ... كاسره.
(٦) البيتان في الأغاني ١٥ / ١٤٦.
(٧) الأغاني : شيبته.