لما حارب بنو قينقاع رسول الله صلىاللهعليهوسلم تشبّث بأمرهم (١) عبد الله بن أبيّ وقام دونهم ، فمشى عبادة بن الصّامت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان أحد بني عوف بن الخزرج لهم من خلفهم مثل الذين لهم من حلف عبد الله بن أبيّ فخلعهم (٢) إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم ، فقال : يا رسول الله أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم ، وأتولّى الله ورسوله والمؤمنين ، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم ، ففيه وفي عبد الله بن أبيّ نزلت الآيات في المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(٣) إلى قوله : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)(٤) ـ يعني عبد الله بن أبيّ ـ لقوله إنّي أخشى الدوائر (يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) حتى بلغ قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)(٥) يقول عبادة : أتولّى الله ورسوله والذي آمنوا ، تبرّئه من بني قينقاع وحلفهم وولايتهم إلى قوله : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ).
أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر الخزّاز ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (٦) قال : قالوا : وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبادة بن الصّامت يجليهم ـ يعني بني قينقاع ـ فجعلت بنو قينقاع تقول : يا أبا الوليد من بين الاوس والخزرج ـ ونحن مواليك ـ فعلت هذا بنا ، قال لهم عبادة : لمّا حاربتم جئت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله إنّي أبرأ إليك منهم ومن حلفهم ، وكان ابن أبيّ وعبادة بن الصّامت منهم بمنزلة واحدة في الحلف ، فقال عبد الله بن أبيّ : تبرأت من حلف مواليك ، ما هذه بيده عندك ، فذكّره مواطن قد أبلوا فيها ، فقال عبادة : أبا الحباب ، تغيّرت القلوب ومحا الإسلام العهود ، أما والله إنك لمعصم بأمر سترى غبه غدا ، فقالت قينقاع : وأخذهم عبادة بالرحيل والإخلاء ، فطلبوا التنفيس ، فقال لهم : ولا ساعة من نهار لكم ثلاث لا أزيدكم عليها ، هذا أمر
__________________
(١) أي تمسك به.
(٢) عن م ودلائل البيهقي ، وبالأصل : فجعلهم.
(٣) سورة المائدة ، الآيات من ٥١ إلى ٥٦.
(٤) سورة المائدة ، الآيات من ٥١ إلى ٥٦.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي دلائل البيهقي : «لقول عبادة» وهو أشبه.
(٦) الخبر في مغازي الواقدي ١ / ١٧٩ ـ ١٨٠.