قال : فأمر به ، فأخذ ، فأضرط بمعاوية ثم قال : علمت كيف كانت البيعتان حين دعينا إليهما ، دعيت على أن نبايع على أن لا نزني ولا نسرق ، ولا نخاف في الله لومة لائم ، فقلت : أمّا هذا فاعفني يا رسول الله ، ومضيت أنا عليها ، فبايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولأنت يا معاوية أصغر في عيني من أن أخافك في الله عزوجل ، فقال معاوية : صدقت ، قد كان هذا في شأن البيعتين ، فأمر به فأرسل.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد ، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، نا أبو بكر المهندس ، نا أبو بشر الدّولابي ، نا محمّد بن عوف الطائي ، نا علي بن عيّاش ، نا أيوب بن سعيد بن أيوب أبو منصور السّكوني ، عن عمرو بن قيس قال :
أتى عبادة بن الصّامت حجرة معاوية بن أبي سفيان وهو بأنطرطوس (١) فألزم ظهره الحجرة ، وأقبل على الناس بوجهه وهو يقول : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألّا أبالي في الله لومة لائم ، ألا إن المقداد بن الأسود قد غلّ بالأمس حمارا (٢) ، قال : وأقبلت أوسق من مال فاشرأبّ (٣) الناس إليها ، فقال عبادة : أيها الناس ألا إنها إنّما تحمل الخمر ، والله ما يحلّ لصاحب هذه الحجرة أن يعطيكم منها شيئا ، ولا يحلّ لكم أن تسألوه ، وإن كانت معبلة (٤) ـ يعني سهما ـ في جنب أحدكم ، قال : فأتى رجل المقداد بن الأسود (٥) في يده قرصافة ، فجعل يتلّ بها (٦) الحمار وهو يقول : يا معاوية هذا حمارك ، شأنك به حتى أورده الحجرة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرّحمن الكيالي المقرئ ، أنا أبو نصر محمّد بن علي بن الفضل الخزاعي ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين القطان ، نا أحمد بن يوسف ، نا عمر بن عبد الوهاب ، أنا المعتمر ، عن أبيه ، عن عطاء ،
__________________
(١) انطرطوس : بلد من سواحل بحر الشام من أعمال طرابلس (ياقوت).
(٢) بالأصل : «حمار» والصواب عن م.
(٣) عن م والمطبوعة ، وبالأصل : فاشارت.
(٤) المعبلة : نصل طويل عريض (اللسان).
(٥) بعدها ثمة سقط في الكلام ، بالأصل وم ، وتمام العبارة في المطبوعة : فأخبره الذي قال عبادة بن الصامت ، فقام المقداد بن الأسود في يده قرصافة.
(٦) أي يقتاده.