له براءته مما قيل فيه ، فلما شاع ذلك جاءت أمة لبعض ثقيف إلى غيلان ، فقالت له : أي شيء لي عليك إن دللتك على مالك؟ قال : ما شئت ، قالت : تبتاعني وتعتقني ، قال : ذلك لك ، قالت : فاخرج معي ، فخرج معها ، فقالت : إني رأيت عبدك فلانا قد احتفر هاهنا ليلة كذا وكذا ، ودفن شيئا ، وإنه لا يزال يراعيه ويفتقده في اليوم مرات ، وما أراه إلّا المال ، فاحتفر الموضع فإذا بماله ، فأخذه وابتاع الأمة فأعتقها ، وشاع الخبر في الناس حتى بلغ ابنه عامرا ، فقال : والله لا يراني غيلان أبدا ، ولا ينظر في وجهي ، وقال : (١)
حلفت لهم بما يقول محمّد |
|
وبالله إنّ الله ليس بغافل |
لبرئت من مالي الذي قد مشوا به (٢) |
|
أبرّئ نفسي أن الطّ بباطل |
ولو غير شيخي من معدّ يقوله |
|
تيمّمته بالسّيف عمّ الاحاول (٣) |
وكيف انطلاقي بالسّلاح إلى امرئ |
|
تبشر بي (٤) يبتدرن قوابلي |
فلما أسلم غيلان خرج عامر وعمارة (٥) مغاضبين مع خالد بن الوليد ، فتوفي عامر بعمواس وكان فارس ثقيف يومئذ وهو صاحب شنوءة (٦) يوم تثليث (٧) ، ويقال : يوم ثنية ، وهو قاتل سيدهم جابر بن سنان ، فقال غيلان يرثي عامرا (٨) :
عيني جودي (٩) دمعك الهتان |
|
سحّا وبكّي فارس الفرسان |
يا عامر (١٠) من للخيل لمّا أحجمت |
|
عن شدّة مرهوبة وطعان |
لو أستطيع جعلت مني عامرا |
|
بين اللهاة وبين عقد لساني |
__________________
(١) الأبيات في الأغاني ١٣ / ٢٠١.
(٢) صدره في الأغاني :
برئت من المال الذي يدفنونه
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «عم الأجاول» وفي الأغاني : غير مواكل.
(٤) «بي» استدركت عن م والأغاني للوزن.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي الأغاني : عمار.
(٦) غير مقروءة بالأصل وم ، والمثبت عن الأغاني والمطبوعة.
(٧) تثليث موضع بالحجاز قرب مكة ، ويوم تثليث : من أيام العرب بين بني سليم ومراد.
(٨) الأبيات في الأغاني ١٣ / ٢٠٢.
(٩) في الأغاني : عيني تجود بدمعها الهتان.
(١٠) الأغاني : باعام.